571روى الكليني عن معاوية بن عمار في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد اللّٰه ع في رجل توفي و أوصى أن يحج عنه قال إن كان صرورة فمن جميع المال أنه بمنزلة الدين الواجب و إن كان قد حج فمن ثلثه و من مات و لم يحج حجة الإسلام و لم يترك إلا قدر نفقة الحمولة و له ورثة فهم أحق بما ترك فإن شاءوا أكلوا و إن شاءوا حجوا عنه و الظاهر أنه ينصرف الأجرة إلى أجرة المثل إلا أن تدل القرائن على أمر آخر فيعول عليه و لو وجد من يأخذ بأقل من أجرة المثل لم يبعد وجوب الاقتصار عليه فائدة روى الشيخ عن معاوية بن عمار قال قال إن امرأة هلكت فأوصت بثلثها يتصدق به عنها و يحج عنها و يعتق عنها فلم يسع المال ذلك فسألت أبا حنيفة و سفيان الثوري فقال كل واحد منهما أنظر إلى رجل قد حج فقطع به فيقوى و رجل قد سعى في فكاك رقبته فبقي عليه شيء يعتق و يتصدق بالبقية فأعجبني هذا القول و قلت للقوم يعني أهل المرأة إني قد سألت لكم فيريدون أن أسأل لكم من هو أوثق من هؤلاء قالوا نعم فسألت أبا عبد اللّٰه ع عن ذلك فقال ابدأ بالحج فإن الحج فريضة فما بقي فضعه النوافل قال فأتيت أبا حنيفة فقلت إني قد سألت فلانا فقال لي كذا و كذا قال فقال هذا هي و اللّٰه الحق و أخذ به و ألقى هذه المسألة على أصحابه و قعدت لحاجة لي بعد انصرافه فسمعتهم يتطارحونها فقال بعضهم يقول أبي حنيفة الأول فخطأه من كان سمع هذا و قال سمعت هذا من أبي حنيفة منذ عشرين سنة و روى الصّدوق عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن امرأة أوصت بمال في الصّدقة و الحج و العتق فقال ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شيء فاجعل في الصدقة طائفة
و يكفي المرة مع الإطلاق
و عدم دلالة القرائن على التكرار لحصول الامتثال بذلك
و مع التكرار بالثلث
لأن الوصية تنفذ من الثلث فقط إذا لم يجز الوارث و يؤيده لما رواه الشيخ عن محمد بن الحسين بن أبي خالد قال سألت أبا جعفر ع عن رجل أوصى أن يحج عنه مبهما فقال يحج عنه ما بقي من ثلثه شيء و عن محمّد بن الحسن أنه قال لأبي جعفر ع جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك فقال هات فقلت سعد بن سعد قد أوصى حجوا عني مبهما كيف ذلك فقال يحج عنه ما دام له مال و الظاهر اختصاص الحكم المذكور بما إذا علم منه إرادة التكرار على الوجه المذكور فالظاهر أنه يحصل الامتثال بالمرتين
و لو تكرر و لم يف القدر
بأجرة الحج
جمع نصيب أكثر من سنة لها
أي للحجة و المراد أن من أوصى أن يحج عنه كل سنة بمقدار معين من غلة بستان مثلا فقصر غلة كل سنة عن أجرة الحج جمع ما زاد على سنة واحدة بحيث يكمل أجرة الحج فيصرف في حجة سنة و احتجوا عليه بأن القدر المعين قد انتقل بالوصيّة عن ملك الورثة فوجب صرفه في الموصى به لا مطلقا و بهذا اختلف في أنه إذا قصر المال الموصى به عن الحج هل يصرف في وجوه البر أو يعود ميراثا و الأولى الاستناد إلى ما رواه الكليني و الصّدوق عن إبراهيم بن مهزيار قال كتبت إلى أبي محمد ع أنّ مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة صير ربعها لك في كل سنة حجة بعشرين دينارا و أنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المئون على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا و كذلك أوصى عدة من مواليك لي حجهم فكتب ع يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء اللّٰه و عن إبراهيم قال كتب إليه علي بن محمد ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكتفي فما تأمرني بذلك فكتب ع تجعل حجتين حجة إن اللّٰه تعالى عالم بذلك و رواه الشيخ عن إبراهيم و روى الصدوق أنه كتب إليه علي بن محمد الحصيني الحديث و في الروايتين قصور من حيث السند
و المستودع يقتطع أجرة المثل في الواجب
و يستأجر به الحج للمودع
مع علمه
بوجوب الحج على المودع و
عدم الأداء
أي عدم أداء الورثة إن لم يقتطع لما رواه الكليني و ابن بابويه و الشيخ عن بريد العجلي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته عن رجل استودعني مالا فهلك و ليس لوارثه شيء و لم يحج حجة الإسلام قال حج عنه و ما فضل فأعطهم و إطلاق الرواية يقتضي عدم الفرق بين أن يكون المستودع عالما بعدم أداء الورثة و عدمه لكن المصنف و غيره اعتبروا في ذلك علمه بعدم أداء الوارث و إلا وجب استيذان الوارث عندهم نظرا إلى تخيير الوارث في جهات القضاء و له الحج بنفسه و الاستقلال بالتركة و الاستيجار بدون أجرة المثل و غير ذلك و اعتبر المصنف في التذكرة عدم التمكن من الحاكم أيضا و إلا وجب استيذانه و حكى الشهيد قولا باعتبار إذن الحاكم في ذلك مطلقا و استبعده و ذكر الشهيد الثاني في وجه البعد إطلاق النصوص و اعترض عليه بأن الرواية تضمنت أمر الصادق ع بريدا بذلك و هو إذن صريح و لا يبعد الاقتصار في اشتراط استيذان الحاكم على حال التمكن و اعتبر المصنف في التذكرة أمن الضرر أيضا و هو حسن و مورد الرواية الوديعة و ألحق به سائر الحقوق و قوى بعضهم اعتبار استيذان الحاكم في الدين لأن تعينه إنما يكون بقبض المالك أو ما في معناه و مورد الرواية أن المستودع يحج لكن الأصحاب ذكروا أنّه يستأجر و هل ذلك من باب الرخصة أو الوجوب صرح الشهيد الثاني بالوجوب و أنه لو دفع إلى الورثة اختيارا و لم يتفق منهم الأداء ضمن و هل يتعدى الحكم إلى غير الحج من الحقوق المالية فيه وجهان و لصاحب المنتقى عند ذكر هذا الحديث كلام لا بأس بإيراده في هذا المقام قال رحمه اللّٰه و لبعض متأخري الأصحاب في تحقيق معنى هذا الحديث كلام لا أراه سديدا لابتنائه على توهم مخالفته للأصول من حيث قبول دعوى المقر بالوديعة أن في ذمة الميّت حجة الإسلام و هو مقتض لتضييع المال على الوارث بغير بينة و ماله إلى نفوذ إقرار المقر في حق غيره ممن ليس له عليه سبيل و مخالفته للأصل المعروف في باب الإقرار واضحة و التحقيق أنه ليس الحال هنا على ما يتوهم فإن الإقرار الذي لا يسمع في حق غير المقر و الدعوى التي لا يقبل بغير البينة إنما يتصوران إذا كان متعلقهما المال المحكوم عليه بملكيته بغير المقر و المدعي شرعا و لو بإقرار آخر سابق عليهما مفضل بحسب القوانين العربية عنهما و أما مع انتفاء ذلك كله كما في موضع البحث فإن الإقرار بالوديعة إذا وقع متّصلا بذكر اشتغال ذمة الميّت المستودع بالحج أو غيره لم يكن إقرارا للوارث مطلقا بل هو في الحقيقة اعتراف بمال مستحق للإخراج في الوجه الذي يذكر من حج أو غيره إما بأجمعه و ذلك على تقدير مساواته للحق أو ببعض منه بتقدير الفضلة عنه أو على سبيل التخيير بينه و بين غيره إذا كان للميت أجر إلى غير ذلك من الأحكام المقررة في مواضعها فكيف يعقل أن يكون مثل هذا إقرارا للوارث مع كون الكلام المتصل جملة واحدة لا يتم معناه و لا يتحصّل الغرض منه إلا باستيفائه على ما هو محقق في محله و خلاصة الأمر أن المتجه في نحو هذا الفرض كون المقر به هو ما يتحصّل من مجموع الكلام لا ما يقع في ابتدائه بحيث يجعل أوله إقرار أواخره دعوى و تمام تنقيح هذا المقام لمباحث الإقرار أليق إذا تقرر ذلك فاعلم أن المستفاد من الحديث بعد ملاحظة هذا التحقيق وجوب إخراج الحجة من الوديعة حيث لا مال سواها بحسب فرض السائل و كون ما يفضل عنها للوارث و أمره ع بالحج إذن له في تعاطيه بنفسه لا في استنابة غيره فلا بد في غير صورة السؤال و الجواب عن استيذان من له الولاية العامة في مثله إذا لم يكن الودعي ممن له ذلك و كذا القول فيما لو تضمن الإقرار نوعا آخر من الحق فإن القدر الذي يحكم به حينئذ إنما هو تقديم الحق على الوارث و أما طريق تنفيذه فيرجع فيه إلى القواعد و لا يقاس على أمره ع في الخبر للسائل بالحج فإنه مختص بتلك الصورة الخاصة فلا يتعدّاها انتهى كلامه رحمه اللّٰه
و يشترط في حج التطوع
الإسلام
لا أعلم خلافا في ذلك
و أن لا يكون عليه حج واجب
فورا لمنافاته للواجب المضيق فيكون منهيا عنه و بذلك يلزم فساده و لا يبعد أن يقال النهي متعلق بأمر خارج فلا يلزم فساد الحج و نقل عن الشيخ في المبسوط أنه قال إنه يقع عن حج الإسلام و عنه في الخلاف أنه حكم بصحة التطوع و بقاء حجة الإسلام في ذمته
و
يشترط في حج التطوع أيضا
إذن المولى و الزوج
و قد مر بيان ذلك
و لا يشترط البلوغ
فيصح من الصبي و قد مر ذلك أيضا و يزيده تأكيدا ما رواه الشيخ عن حفص بن البختري في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع في المرأة تطوف بالصّبي و يسعى به هل يجزي عنها ذلك و عن الصبي فقال نعم
و يشترط في حج التمتع
النية
ذكر الشهيد الثاني أن ظاهر الأصحاب أن المراد بهذه النية نية الحج بجملته و نقل عن سلار التصريح بذلك فعلى هذا يجب الجمع بين هذه النية و نية كل فعل فعل على حدة و الحجة عليه غير واضحة و الأخبار خالية عنه و يستفاد من كلام المحقق في المعتبر أن المراد بالنية المذكورة في هذا المقام نية إحرام العمرة و التصريح بوجوب ذلك في بحث الإحرام يغني عن ذكره هاهنا و لعل المراد نية خصوص التمتع في حال الإحرام و وجوب ذلك مختلف فيه بين الأصحاب ففي المبسوط أن الأفضل أن يقارن الإحرام فإن فات جاز تجديدها إلى وقت التحلل قال في الدروس و لعل أراد نية التمتع في إحرامه لا مطلق نية الإحرام و يكون هذا التحديد