35الفقه، وعارفاً بشتى طرق الاستنباط .
كما عُدَّ عصر الإمام الصادق عليه السلام عصر الازدهار والتفتح للاجتهاد الفقهي، الذي ضُبطت فيه موازين الفقه ومقاييس الاجتهاد الصحيح.
ثانياً : مدرسة أهل الرأي
ويُطلق عليهما أيضاً مدرسة الكوفة ، وبعبارة أخرى مدرسة العراق. فمن سمات هذه المدرسة أنّها أخذت ناحية الرأي والاجتهاد، والتوسع طلباً لعلل الأحكام، وكانوا يحبّون معرفة العلل والغايات التي من أجلها شُرّعت الأحكام، وربما ردّوا بعض الأحاديث لمخالفتها لاُصول الشريعة، ولا سيما إذا عارضها حديث آخر.
قال الشهرستاني في علّة تسميتهم أهل الرأي : ( وإنّما سمّوا أهل الرأي لأنّ عنايتهم بتحصيل وجه من القياس والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها، وربّما يقدّمون القياس الجليّ على آحاد الأخبار، وقد قال أبو حنيفة : عِلمُنا هذا رأيٌ أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى ولنا ما رأينا) 1.
وعمدة ما استدلّوا لاعتبار الرأي أصلاً تشريعياً بحديث معاذ بن جبل لمّا أراد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يبعثه إلى اليمن.
فقد رواه أبو داود بسنده عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال لمعاذ: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء»؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال: « فإن لم تجد في كتاب الله»؟ قال: فبسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: « فإن لم تجد في سنّة رسول الله ولا في كتاب الله»؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صدره وقال : « الحمد لله الذي وفّق رسول الله لما يرضى من رسول رسول الله » 2.
ولكن نوقش هذا الخبر، سنداً ودلالة. أمّا من حيث السند، فقد قال البخاري بعد