46من المدينة، بل إنّه إلى الشمال أقرب منه إلى الشرق!
إنّ تحذيرات النبي(صليالله عليه وآله وسلم) لنا من نجد وما يخرج منها من فتنٍ تضع علامات استفهام كبيرة على الاتجاه الفكري السائد فيها، ولو كانت الحركة السلفية هناك حركة خيرٍ وإصلاحٍ ويحبّها الله ورسوله، لكان عليه(صليالله عليه وآله وسلم) أن يبيّن لأمته هذا الأمر في حديث ما ويستثني هذه الطائفة ويبشّر بها، لئلا يغرر بالناس ويخدعهم - حاشاه -، وهذا ما لا وجود له، بل تراه(صليالله عليه وآله وسلم) يبعث لنا بإشارات من بعيد يزيد فيها بيانه حول نجد ويؤكده.
رُوي عن أبي سعيد قال: قال عليٌّ:
«أتيت رسول الله(صليالله عليه وآله وسلم) بذهبة وتربتها وكان بعثه مصدقا إلى اليمن فقال: «أقسمها بين أربعةٍ، الأقرع بن حابس وزيد الطائي وعيينة بن حصن الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري. فقام رجل غائر العينين ناتيء الجبين مشرف الجبهة محلوق، فقال: والله ما عدلت، فقال: ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟! إنّما أتألّفهم، فأقبلوا عليه ليقتلوه، فقال: «اتركوه فإنّه من ضئضيء هذا قوم يخرجون في آخر الزمان يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد». 1
مفهوم حديث (لا تزال طائفة)
جميع الروايات تبدأ بقوله(صليالله عليه وآله وسلم): «
لا تزال أو لا يزال» وهو فعلٌ يدلّ على استمرار وجود هذه الطائفة، ولن أتحدث عن وجود هذا الفكر قبل ابن تيمية وخلو الزمن منه، ولكن الملاحظ أنّ الأفكار التي جاء بها ابن تيمية - والتي عليها أساس المدرسة السلفية اليوم - قد اضمحلّت لفترة ثلاثة قرون تقريباً، ولم تجد لها أتباعاً، فبعد عهد ابن تيمية وتلاميذه، ولْنَقُل تلاميذَ تلاميذه، لا نجد ذكراً لأفكار هذه المدرسة أو أحداً نادى بها، حتى ظهر محمد بن عبد الوهاب وأحياها من جديد، أي من سنة