45هذه الروايات تنصّ على أنّ أصل الشرّ من الشرق أو المشرق، وهو رأس الكفر ومنه يخرج قرن الشيطان، ولأنّ نجد تقع شرق المدينة وظاهر النصوص يعيّنها، قام السلفيون وخلافاً لظاهر النصوص ودون أي قرينة بتفسير الأحاديث السالفة بالعراق، مخالفين بذلك ابن تيمية وابن حنبل، ملتفّين على كلّ الأحاديث والقرائن التي فيها كلّ هذا، لكي ينقذوا حركتهم التي انطلقت من هناك.
إنّ المتأمل في النصوص السابقة يتّضح له بكلّ يسرٍ أنّ الشرق يعني نجد، فحين قال النبي(صليالله عليه وآله وسلم) كما في رواية ابن عمر: «
اللهم بارك لنا في يمننا »، قال بعض من حوله: وفي نجدنا! فهم يقصدون نجدهم التي هي شرق المدينة، ويؤكّد هذا قوله(صليالله عليه وآله وسلم) مباشرة: «
هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان » وهي مضمون عباراته الأخرى حول الشرق والمشرق.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة فسروا المشرق بعدة معانٍ، ومن ضمنها نجد دون أي انكار! 1
ثم إنّ الروايات تشير إلى مكان قريب، ودليله قوله(صليالله عليه وآله وسلم): «
ههنا » في بعض الروايات، وهي قرينة كافية لتوضيح كلامه( صلي الله عليه وآله وسلم) دون القفز إلى بلاد أخرى بعيدة كلّ البعد عن المدينة! إنّ نجد هي المقصودة،وهكذا فسرها أحمد بن حنبل وابن تيمية، فقد قال الامام أحمد: «وأهل الغرب هم أهل الشام، وذلك أنّ النبي كان مقيماً بالمدينة فما يغرب عنها فهو غربه، وما يشرق عنها فهو شرقه، وكان يسمّي أهل نجد وما يشرق عنها أهل المشرق كما قال ابن عمر». 2
إنّ تفسير الحديث بالعراق هو خلاف الظاهر، ويعد قفزاً صريحاً فوق القرائن الموجودة في الحديث، فهناك أحاديث - على افتراض صحتها - ذكرت العراق بالاسم صريحاً، فلماذا لم يذكره النبي هنا صريحاً؟! وجغرافياً فالعراق لا يقع في جهة المشرق