25
مكان، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض، وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : «إنّما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما يحدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فلا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان» 1 .
فاتضح من خلال هذا البيان لحقيقة الصفات السلبية سبب امتناع رؤية الباري تعالى؛ لأنّ مرجع الرؤية إلى النقص، وهو تعالى منزه عنه.
وقد أُقيمت براهين من العقل على امتناع رؤية الباري تعالى، منها: أنّ المرئيّ لا بدّ أن يكون مقابلاً بالضرورة العقلية القطعية أو في حكم المقابل، وكلّ مقابل هو في جهة بالضرورة، ومن ثمّ لو كان الله سبحانه مرئياً لكان متحيّزاً في جهة؛ لأنّ الرؤية تستلزم إثبات الجهة له، وهذا محال، لأنّ الله منزّه عن الجهة والتحيّز، فتمتنع الرؤية.
ومنها: أنّ الله تعالى ليس بجسم فضلاً عن أن يكون جسماً كثيفاً، فهو إذن لا يُرى، وإلاّ للزم رؤية العلم والشجاعة، بل الأمور الواقعية كاستحالة المستحيلات وإمكان الممكنات وملازمة الزوجية للأربعة ونحو ذلك، وما دام التالي باطلاً