15يحجّ به 1و أمثاله من الاخبار الكثيرة و فيه أوّلا عدم السّعة في التأخير بالتّسويف لعلّه لما أشرنا إليه من حكم العقل بلزوم الإتيان به فورا ففورا لاحتمال تجدّد عذر أو مانع عنه بالتأخير كالموت أو ذهاب الثّروة أو منع السّلطان الجائر و نحوه من الموانع و الآفات الأرضيّة و السّماويّة (و في التّأخير آفات) و لذا قال (ع) و ان مات فقد ترك شريعة إلخ) فعدم السّعة في التّأخير ليس لفوريّة الوجوب بل لاستلزامه غالبا لتركه الى زمان الموت بل صرّح بذلك في بعض الاخبار كرواية أبي بصير المروية في الوسائل قال سألت أبا عبد اللّه (ع) عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ مَنْ كٰانَ فِي هٰذِهِ أَعْمىٰ فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمىٰ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً قال ذلك الذي يسوّف نفسه الحج يعني حجّة الإسلام حتّى يأتيه الموت 2و في رواية محمد بن الفضيل كما في الوسائل أيضا فقال نزلت فيمن سوّف الحجّ حجّة الإسلام و عنده ما يحجّ به فقال العام أحجّ العام أحجّ حتى يموت قبل ان يحجّ 3.
و الحاصل انّ الحرمة و استحقاق العقوبة يتحقق بترك الحجّ من المستطيع الى آخر العمر عمدا و امّا تحقّقه بتركه في العام الأوّل بمجرّده لا دليل عليه.
الرابع انّ في تركه استخفاف بالحجّ و هو حرام كما يدلّ عليه ما ورد في الباب 46 من أبواب جهاد النّفس من كتاب الجهاد من الوسائل قال في عيون الأخبار بأسانيده عن الفضل بن شاذان عن الرّضا (ع) في كتابه إلى المأمون قال الايمان هو أداء الامانة و اجتناب جميع الكبائر الى ان قال و الاستخفاف بالحجّ و المحاربة لأولياء اللّه و الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذّنوب.
و فيه انه لا ريب في حرمة الاستخفاف بكلّ واجب من الواجبات المضيّقة أو الموسّعة فمن ترك الصّلوة في أوّل وقتها فحرام أيضا ان كان استخفافا و هذا لا يدلّ على وجوبها فورا في أوّل الوقت بدون الاستخفاف مع أن الحرمة دائرة مدار صدق عنوان الاستخفاف فمن اتى بالحج أول عام الاستطاعة و بالواجبات الأخرى في أوّل وقتها مع صدق الاستخفاف و التّهاون فيتحقّق العصيان كما لا يخفى.