15مقامه ليكون إماماً للأمّة، وقد ترك هذا الأمر ليكون شورى بين المسلمين، وبذلك فُرض على الأمّة الإسلامية أن تنتخب إمامها بنفسها ليكون الخليفة من بعد رسول الله(ص)، فالخلافة التي تحلّ محل الإمامة عندهم، هي شأن بشري.
ولكن في مقابل ذلك فإنّ الشيعة الإمامية يعتقدون بكون الإمام مقاماً تنصيبياً و جعلاً من الله(سبحانو تعالى) بناءً على قاعدتين، الأولى: قاعدة اللطف الإلهي التي تستوجب تعيين الإمام بلطف من الله تعالى للعباد، والذي به يجتمع شمل الأُمّة وبعدمه تضطرب أحوال المجتمع ويعمّ فيه الفساد؛ وقد دلّ العقل على أنّ الله (سبحانو تعالى) لا يفعل إلّا الأصلح وأنّ وجود الإمام أصلح للمجتمع، وتعيين الأصلح واجب على الله تعالى. والثانية: قاعدة الاضطرار الى بعث الأنبياء للنّاس على مر العصور والتّسليم لكل ما جاؤوا به وتحذير كل من يرفض الإيمان بهم كما قال تعالى: (وَ مٰا كُنّٰا مُعَذِّبِينَ حَتّٰى نَبْعَثَ رَسُولاً) 1 و (لِئَلاّٰ يَكُونَ لِلنّٰاسِ عَلَى اللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) 2، وتعتقد الإمامية أيضاً أنّ هذه القاعدة تكون جارية في أوصيائهم من بعدهم. وعلى هذا فإنّ العقل البشري لا يقبل أنّ الرسول(ص) قد ترك هذا الأمر للأمّة ولم يعيّنه بوحي من الله(عج).
هذا من ناحية، و من ناحية أخرى فقد بيّن الله(سبحانو تعالى) الغرض من الخلقة وهو العبادة في قوله تعالى: (وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ) 3، فعلى هذا ومن أجل أن يعرف الإنسان ربه ليعبده، يوجب على الله إرسال الرسل ومن بعد ذلك تعيين من ينوب عنهم من أجل حفظ قوانين الشرع من التغيير والزيادة والنقصان، وترك هذا الأمر من قِبله(سبحانو تعالى) يؤدي الى نقض الغرض.
الوجوب الذي تقول به الشّيعة الإماميّة ليس الوجوب التكليفي على الله(سبحانو تعالى) و إنّما هو اللزوم والثبوت، كحكم العقل بوجوب عدالة الله(سبحانو تعالى) أو وجوب فعل الأصلح للعباد.