29 (قدرة لا كقدرة غيره)، لا يُخرج المفاهيم من نطاق التحديد الناشى من محدودية اللغة ذاتها، فمفهوم العلم مثلاً هو معنى أخذناه من وصف محدود في الخارج نعتبره كمالاً لما يوجد له، وفي هذا المفهوم من التحديد ما يمنعه من شمول القدرة والحياة مثلاً، فإذا أطلقناه على الله تعالى ثم عدلنا محدوديته بالتقييد في نحو قولنا: (علم لا كالعلوم) ربّما يخلص من بعض التحديد لكنّه يبقى مفهوماً لا ينعزل عن شأنه وهو عدم شموله لما وراءه، وإضافة مفهوم إلى مفهوم آخر لا يؤدّي إلى بطلان خاصّة المفهومية.
وعلى ضوء ذلك نصير إلى معنى أدقّ ممّا مرّ لكلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في قوله:
«لا تحدّه الصفات»، «وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» وقوله:
«الذي ليس لصفته حدّ محدود ولا نعت موجود»، فأنت ترى أنّه عليه السلام يثبت الصفة في عين أنّه ينفيها أو ينفي حدّها، ومن المعلوم أنّ إثباتها لا يجرّدها عن الحدّ، فنفي الحدّ عنها يعتبر إسقاطاً لها بعد إقامتها، ويؤول إلى أنّ إثبات شيء من صفات الكمال فيه لا ينفي ما وراءها فتتّحد الصفات بعضها مع بعض ثم تتّحد مع الذات ولا حدّ، ثم لاينفي ما وراءها ممّا لا مفهوم لنا نحكي عنه ولا إدراك لنا يتعلّق به.
فهذه المعاني والمفاهيم للعقل بمنزلة الموازين التي يُوزن بها