30الوجود الخارجيّ والكون الواقعيّ، فهي حدود محدودة لاتنعزل عن هذا الشأن وإن ضممنا بعضها إلى بعض واستمددنا من أحدها للآخر، ولا يُغترف بأوعيتها إلاّما يقاربها في الحدّ، فإذا فرضنا أمراً غير محدود (الذات الإلهية) ثم قصدناه بهذه المقاييس المحدودة لم ننل منه إلاّ المحدود وهو غيره، وكلّما زدنا في الإمعان في نيله زاد تعالياً وابتعاداً 1.
ومن معطيات التمييز بين المفهوم والمصداق، معالجة مشكلة أخرى قد يعرض لها بعضهم في سياق المعرفة التوحيدية، فالذات مطلقة لا يمكن معرفة كنهها، والصفات عين الذات، فلا يمكن إذن معرفة الصفات!
وهذا الإشكال يعكس خلطاً بين المفهوم والمصداق، فإنّ الصفة عين الذات مصداقاً، وما تدركه المعرفة التوحيدية الإنسانية بوجه يكون على صعيد المفهوم، بالقيود والحدود التي ذُكرت للمفاهيم خاصّة، وللّغة بشكل عامّ.
إذن، تبقى المفاهيم أوعية محدودة ويبقى الإدراك الإنساني أسير تلك الحدود، وتبقى الذات الإلهية فوق جميع التصوّرات، بل حتى فوق هذا التصوّر الذي يفيد أنّه سبحانه بخلاف كلّ تصوّر، قال تعالى: (وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) 2، وقال أمير المؤمنين