17
الإسلام روحه التسامح والعفو وعدم تكفير الآخر
مع أنّ ثقافة التكفير بعيدة كلّ البعد عن منهج وروح الإسلام ومبادئه وقيمه السامية، فشريعتنا الغرّاء والسلف الصالح شدّدوا النكير على هذه الظاهرة أو هذه الثقافة الهجينة والغريبة عن الجسد الإسلامي؛ وللأسف نجد اليوم من يطلق صفة الكفر - كما تقدّم - تصريحاً أو تلميحاً، بلا تأمّل في الأدلة أومراجعة القوانين والتشريعات الاسلامية؛ كلّ ما فهمه هو تقليده الأعمى لمنهج يسوده الجهل وعدم الفهم للنصوص. مع أنّ إسلامنا هو دين التسامح والوسطية والاعتدال، قال تعالى: (وَ كَذٰلِكَ جَعَلْنٰاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدٰاءَ عَلَى النّٰاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقره: 143) وقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ ) . (آلعمران: 110) وقد أكّدت وركّزت السنّة الشريفة بما لا يدع مجالاً للشك بعدم تكفير المسلمين مطلقاً، وهذه صحاح المسلمين ومسانيدهم دعمت ورسّخت هذه الحقيقة.
فقد روى الإمام البخاري في صحيحه، عن عبدالله بن عمر: «أنّ رسولالله(ص) قال: أيما رجل قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما» 1.
وكذلك الإمام مسلم في صحيحه، عن ابنعمر: «أنّ رسول الله(ص) قال: إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما» 2.
فالإسلام ينأى عن رمي الآخرين بصفة الكفر، بل من قالها تعود على القائل نفسه، بل أكثر من ذلك فمن قذف أخيه المسلم بكفر فهو كقاتله.