63وكلامه في هذا الباب يؤسّس للإرهاب في مواجهة الآخر، ويقنّن للعداء بين المسلمين، والرفض المطلق للآخر، وهو ما يترجمه لنا الوهّابيّون المعاصرون من خلال ممارساتهم ومواقفهم.
والحنابلة يعتبرون على الدوام أنّهم الممثّل الشرعي للإسلام ولسنّة الرسول(ص)، وعلى هذا الأساس اعتبروا المخالفين لهم أعداء للإسلام يريدون نقضه ومحو شرائعه.
والمساس بفقهاء الحنابلة أو عيبهم والطعن فيهم يُعدّ طعناً في الإسلام في مفهوم ابن بطّة.
وإجابة على تساؤل حول اختلاف أهل الفرقة الناجية (الحنابلة أهل الحديث) وتباين مذاهبها واختلاف فقهائها، وأنّ المعتزلة والرافضة وأهل الأهواء يعيبونهم بهذا الاختلاف، ويقولون الحق واحد، فكيف يكون في وجهين مختلفين؟
قال ابن بطّة: أمّا ما تحكيه عن أهل البدع ممّا يعيبون به أهل التوحيد والإثبات (الحنابلة) من الاختلاف فإنّي قد تدبّرت كلامهم في هذا المعنى، فإذا هم ليس الاختلاف يعيبون ولا له يقصدون، وإنّما هم قوم علموا أنّ أهل الملّة وأهل الذمّة والملوك والسوقة والخاصّة والعامّة، وأهل الدنيا كافّة إلى الفقهاء يرجعون، ولأمرهم يطيعون، وبحكمهم يقضون، في كلّ ما أشكل عليهم، وفي كلّ ما يتنازعون فيه. وكلّ ذلك فيه غيظ لأهل الأهواء واضمحلال للبدع، فهم يوهون أمر الفقهاء، ويضعفون أُصولهم، ويطعنون عليهم بالاختلاف لتخرج الرعية عن طاعتهم والانقياد لأحكامهم فيفسد الدين.
أمّا أهل البدع فإنّهم يقولون على الله ما لا يعلمون. ويتّهمون أهل العدالة والأمانة في النقل. وهم أكثر الناس اختلافاً، وأشدّهم تنافياً وتبايناً.. فاختلافهم كاختلاف اليهود والنصارى.
وأمّا الرافضة فأشدّ الناس اختلافاً وتبايناً وتطاعناً، وكلّ طائفة تنتحل مذهباً وإماماً وتلعن مَن خالفها عليه وتكفّره.