41ولكنّ العجيب أنّ أهل السنّة غالباً ما يؤمنون بمسألة الكرامات للأولياء واطلاع بعض الخلّص من الناس على أمورٍ غيبية، لمن هم في المنزلة دون أهل بيت النبيّ(ص)، ويصدّقون بحصولهم على هكذا علم، إلا أنّهم ينكرون على الشيعة إيمانهم بهذا الأمر للأئمّة المعصومين(ع) الذين لا يقاس بهم أحد في سمو أخلاقٍ أو وفرة علم.
ولكن ممّا لا شكّ به أنّ مثل هكذا علم قد خطى به الانبياء والأوصياء في الأمم السالفة، والاعتقاد بوجوده في هذه الأمّة التي هي بتعبير القرآن خَيْرَ أُمَّةٍ وتحقّقه لأهل بيت النبيّ(ص)، الذين هم باعتراف الجميع أشرف الناس وأفضلهم، ومعصومون عن الخطأ وهم خلفاء الرسول. ومع الأخذ بنظر الاعتبار اتصالهم بمصدر الفيض الإلهي وميراث النبوّة العظيم لا يمكننا اعتبار هذا المقام لهم غلوّاً أو إفراطاً.
والذي لا شك في كونه من مصاديق الغلو هو عدم وضع أهلالبيت(ع) في مرتبتهم من كونهم عبيداً لله تعالى، وأتباعاً لسنّة رسول الله(ص)، واعتبارهم فوق ذلك الشأن. ومن الواضح أنّهم(ع) ليسوا إلّا امتداداً في علمهم للعلم الإلهي ولعلم النبيّ العظيم(ص).
وفي نهج البلاغة وصف رائع لهذه الحقيقة وبيان جميل لها، فحين كان الإمام علي(ع) يحدث الناس ببعض الحوادث المستقبلة التي ستقع، وصف الأتراك وما سيكون من حكمهم، فقال له رجل وكان من بني كلب(ع) «لقد أُعطيت يا أميرالمؤمنين علم الغيب؟! فقال له(ع): «يا أخا كلبٍ ليس هو بعلم غيبٍ، وإنّما هو تعلّم من ذي علمٍ». 1