68قال - واللفظ لأبي داود - :
قال رسول الله(ص): "افترقت اليهود على إحدى (أو اثنتين) وسبعين فرقة، وتفرّقت النّصارى على إحدى (أو اثنتين) وسبعين فرقة، وتفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة 1.
وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، قال:
«سمعت الصادق المصدوق يقول: " هلاك أُمّتي على يدي غلمة من قريش "، فقال مروان: غلمة؟! قال أبو هريرة: إن شئت أن أُسمِّيهم؛ بني فلان وبني فلان» 2.
وقال القرطبي مُعلّقاً على حديث البخاري الآنف:
وكأنَّهم [ يعني بني فلان وبني فلان في كلام أبيهريرة ]- والله أعلم - يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد، ومَن تنزَّل منزلتهم من أحداث ملوك بني أُمية؛ فقد صدر عنهم قتل أهل بيت رسول الله (ص) وسبيهم، وقتل خيار المهاجرين والأنصار بالمدينة وبمكّة وغيرها، وغير خاف ما صدر عن الحجّاج وسليمان بن عبد الملك وولده، من سفك الدماء وإتلاف الأموال، وإهلاك النّاس بالحجاز والعراق، وغير ذلك.
وبالجملة: فبنو أُمية قابلوا وصيّة النّبيّ (ص) في أهل بيته وأُمّته بالمخالفة والعقوق، فسفكوا دماءهم، وسَبوا نساءهم، وأسروا صغارهم، وخرَّبوا ديارهم، وجحدوا فضلهم وشرفهم، واستباحوا لعنهم وشتمهم؛ فخالفوا رسول الله (ص) في وصيته، وقابلوه بنقيض مقصوده وأُمنيته. فواخجلتهم إذا وقفوا بين يديه، وفضيحتهم يوم يعرضون عليه 3.
فبعد هذا الإخبار من الرّسول (ص) بمستقبل الأُمّة وأهل بيته عليهم السلام ؛ لم يكن خيار للإمام (ع) إلاّ أن يرسم، وفق مُؤهّلاته، طريقاً لأهل بيته عليهم السلام ، يخفِّف به عنهم بعض المصائب الّتي ستصيبهم من بعده، ومن جملة ذلك أنّه (ع) لم يُرجِع إليهم فدك؛ حتّى لاتُستغلّ كمُبرّر لتأليب الوضع عليهم، خاصّة وأنَّه (ع) يعلم بأنَّها