55وجاء في «الاستيعاب» لابن عبد البر:
وكان الأحنف عاقلاً حليماً، ذا دين وذكاء، وفصاحة ودهاء. لمّا قدمت عائشة البصرة، أرسلت إليه فأتاها، فقالت: ويحك يا أحنف، بمَ تعتذر إلى الله من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين عثمان، أمِن قلّة عدد، أو أنّك لا تُطاع في العشيرة؟ قال: يا أمّ المؤمنين، ما كبرت السنّ ولاطال العهد، وإنَّ عهدي بك عام أوّل تقولين فيه وتنالين منه. قالت: ويحك يا أحنف، إنَّهم ماصُوه مَوص الإناء ثُمَّ قتلوه. قال: يا أمّالمؤمنين، إنِّي آخذ بأمرك وأنت راضية، وأدعه وأنت ساخطة 1.
كذلك طلحة بن عبيد الله كان هو الآخر في مقدِّمة المؤلِّبين على عثمان أيضاً، فقد أخرج البلاذري في أنسابه عن ابن سيرين أنَّه قال:
«لم يكن أحد من أصحاب النّبيّ (ص) أشدّ على عثمان من طلحة» 2.
وجاء في «الأنساب» أيضاً:
ومرَّ مجمع بن جارية الأنصاري بطلحة بن عبيد الله، فقال: يا مجمع، ما فعل صاحبك؟ قال: أظنّكم والله قاتليه. فقال طلحة: فإن قُتل، فلا مَلَك مقرَّب ولا نبي مُرسَل 3.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنَّفه، بسنده عن حكيم بن جابر، قال:
لمّا حصر عثمان، أتى على طلحة، وهو مستند إلى وسائد في بيته، فقال: أُنشدك الله، ما رددت النّاس عن أمير المؤمنين، فإنَّه مقتول. فقال طلحة: لا والله، حتّى تعطي بنو أُمية الحقّ من أنفسها 4.
بل ورد أنَّ الّذي أمرَ بقطع الماء عن عثمان هو طلحة؛ فقد جاء في (الأنساب) أيضاً، قال أبو مخنف وغيره:
واشتدَّ عليه طلحة بن عبيد الله في الحصار، ومنع من أن يدخل إليه