15
تمهيد
اهتمَّ المُشرِّع الإسلامي ببيان أحكام ومصارف المنابع الماليّة للحكومة الإسلاميّة اهتماماً بالغاً، فلم يترك الباب مُشرَعاً أمام الحاكم الإسلامي، ليقوم بتأسيس وبناء اقتصاد الدّولة الإسلاميّة، ويتصرَّف كيفما يشاء في مقدَّرات الأُمّة الاقتصاديّة وأموال الدّولة، وإنّما حدَّها من حيث الموضوع والحكم، فعيَّن منابع محدَّدة لبناء اقتصاد الدّولة، وشرَّع لكلّ منبع منها حكماً خاصّاً، فنزلت الآيات الكريمة تترى في هذا الباب بكلّ وضوح، ومن دون أيّ غموض أو إبهام.
ولا نريد هنا الخوض في مفهوم الدّولة الإسلاميّة، والحاكم، وأموال الدّولة، ولكن نريد الإشارة إلى أنَّ المشرِّع حدَّد - وبشكل واضح - منابع أموال الدّولة الإسلاميّة، وصلاحيات الحاكم الإسلامي في هذه الأموال. ومن جملة المنابع الماليّة للدّولة الإسلاميّة في عهدها الأوّل، هي: الأنفال، والفيء، وغنائم الحرب، وصدقات النبيّ (ص) . ولكلٍّ منها حكم خاصّ وواضح عند الشّيعة والسنَّة.
لكنَّ إحسان ظهير تحامل على علماء الشّيعة في مسألة فدك - باعتبار أنَّ فدك من أموال الدّولة ومن الأنفال، وهي تابعة لأمر الحاكم، وهو أحقّ بالتّصرف بها من الشيعة - فقال:
ثُمَّ وهل يظنون النّبيّ(ص) أنَّه كان يجعل أموال الدّولة أمواله وملكه؟! وهذا ما لا يرضاه العقل. وحتّى هذا العصر، عصر السّلب والنّهب، وعصر اللامبالاة وعدم التّمسك بالدّين، ففي مثل هذا العصر إنَّ الملوك والحكَّام