43طبعاً - أو كعدم عدّ النواصب من فرق أهل الأهواء والبِدع عند ذكرهم، إلى غير ذلك من اللوازم البيّنة التي تُثبت وثاقة أهل النصب بالتبع.
وسنذكر هنا نماذج من تلك العبائر التي أصبحت فيما بعد قواعد سار عليها أغلب أهل الجرح والتعديل، وهي كما يأتي:
1- القول المشهور المنسوب إلى ابن إدريس الشافعي، والذي صار بينهم قاعدة أشهر من نارٍ على علم، وهي قوله:
«أقبل شهادة أهل الأهواء إلاّ الخطابية من الرافضة». 1
فهذا القول وإن لم يذكر النواصب بالخصوص في عموم المستثنى منه، إلاّ أنَّهم داخلون في ذلك العموم؛ لأنَّهم من أهل الأهواء - كما ثبت ذلك فيما تقدم - ولم يستثنون فيمَن استُثني.
ويرد عليه ما ورد على الأقوال السابقة، من مناقضته لشرطية العدالة، إذ إنَّ أهل الأهواء مبتدعة بالبداهة، فكيف تُقبل رواية المبتدع وحدّ العدالة عدم البدعة؟! كما أنَّه مناقض لرأي الشافعي نفسه، الذي اشترط العدالة أيضاً في الراوي، على ما نقله ابن الصلاح عنه، حيث قال:
عدالة الراوي تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته، وتارة تثبت بالاستفاضة، فمَن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة، استغني فيه بذلك عن بيّنةٍ شاهدة بعدالته تنصيصاً، وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي، وعليه الاعتماد في فنّ أصول الفقه. 2
فالراوي عند الشافعي إمّا عدل بالشياع، أو عدل بالبيّنة، وعلى كلا الحالين لابد من عدالته، فكيف يجتمع هذا مع تعديل أهل البدع والأهواء، والبدعة من منافيات العدالة إجماعاً بل اتفاقاً؟!