56 واجبات الموحّدين عند حضورهم هذه القاعدة العظيمة، والنداء بها يكون أكثر وضوحاً وضرورة هناك، وما جاء على لسان أئمّتنا الكرام(عليهم السلام) عن مناسك الحج وأسراره يبيِّن حكمة وفلسفة القيام بهذا الواجب الديني في موسم الحج.
الف) إنَّ أوَّل ما أمر به الله إبراهيم، بعد بناء الكعبة المكرمة، رفض الشرك وتطهير البيت؛ إذ قال سبحانه وتعالى: (وَ إِذْ بَوَّأْنٰا لِإِبْرٰاهِيمَ مَكٰانَ الْبَيْتِ أَنْ لاٰ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْقٰائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ) 1.
وكان القرب من الأوثان وقول الزور أكثر شيوعاً في الحج وعند الناس في الحجاز؛ لذلك أمر سبحانه وتعالى بوجوب الاجتناب عنهما، حيث يقول الباري عزّ وجلّ: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ ) 2. يقول العلّامة الطباطبائي عند تناوله تفسير هذه الآية:
«وبذلك يظهر أنَّ قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) نهي عام عن التقرّب إلى الأصنام وقول الباطل، أورد لغرض التقرّب إلى الأصنام في عمل الحج، كما كانت عادة المشركين جارية عليه، وعن التسمية باسم الأصنام على الذبائح من الضحايا، وعلى ذلك يبتني التفريع بالفاء. وفي تعليق حكم الاجتناب أوَّلاً بالرجس، ثُمَّ بيانه بقوله: (من الأوثان)؛ إشعار بالعلِّية، كأنَّه قيل: (اجتنبوا الأوثان لأنَّها رجس)، وفي تعليقه بنفس الأوثان، دون عبادتها أوالتقرّب أوالتوجّه إليها أومسّها ونحوذلك - مع
أنَّ الاجتناب إنَّما يتعلَّق على الحقيقة بالأعمال دون الأعيان-