49ومسجد النبيّ أفضل الأماكن التي يجب قصدها، وليس نهياً عن قصد غيرها. فالسفر إذن لزيارة المشاهد والأضرحة ولئن لم تكن هي الأفضل درجة، لكنّها ممّا يشتمل على الفضل ويرغب في زيارته.
أمّا الرواية الثانية، فهي ما يروى عن عائشة عن النبيّ الكريم(ص): «قالت: قال رسول الله [ص]: أنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء. أحقّ المساجد أن يزار وتشدّ إليه الرواحل: المسجد الحرام ومسجدي؛ صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام» 1.
فهذه الرواية أيضاً تؤكّد على أفضلية المسجد الحرام ومسجد النبيّ(ص) على بقية البقاع والمساجد في الأرض، وتحثّ على السفر إليهما لِما في ذلك من تمام الفضيلة. ولكنّها لا تنفي الفضيلة في زيارة بقع أخرى مباركة من الأرض، كقبر النبيّ الأكرم(ص) الذي هو أشرف بقاع الأرض تربة، وقبور الأولياء والأئمّة المعصومين، بل إنّما تؤكّد على أفضلية هذين المسجدين دون نفي شيءٍ عمّا عداهنَّ.
وهنا نرى أمثال ابن تيميّة، ولأجل إثبات دعواه ورأيه، يغض الطرف عن هذه الروايات ويتّبع طريق المكر والتدليس لإيهام المتعلّمين.
فابن قدامة (م 620) نسب نظرية حرمة السفر بقصد زيارة القبور إلى ابن عقيل. والنووي (م 676) الذي تحتل آراؤه موضع اهتمام في الوسط السنّي يقول: «والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنّه لا يحرم ولا يكره، قالوا: والمراد أنّ الفضيلة