9يبتعد قدر إمكانه عمّا ورثه من رواسب فكريّة جامدة من أشياخه وعمّن يقلّدهم؛ طالباً وراسماً بذلك هدفاً للوصول إلى الحقّ الذي ينشده.
وعليه أن يتحرّى ويستقي المصادر الصحيحة من الفرقة أو الطائفة التي يريد أن يجادلها ويناقش أفكارها، معتمداً على أقوال كبار علمائهم وفقهائهم التي تمثّل كلمتهم الفَصل في مسائل العقيدة وغيرها.
وكذا لابدّ أن يلاحظ أنّ المسألة التي يفنّدها أو يشكّك فيها هي مورد تسالم وإجماع عند الآخرين، لا أن يلتزم بقول من لا يمثّل إلاّ رأيه ويجعله هو الفيصل، ومن ثمّ ينسبه بلا ورع ولا أمانة إلى تلك المدرسة أو الطائفة.
مضافاً إلى ذلك يجب عليه أن يراعي حرمة أدب الحوار في التعاطي مع من يناقشه أدباً وخلقاً ومنطقاً، منزّهاً لسانه عن السباب والذمّ والتهريج، بلا وازع من دين، فإذا كان الأسلوب المتّبع بهذه الطريقة والتي تتنافى مع خلق وروح الإسلام، فواضح أنّه يفتقد إلى الدليل والبرهان الذي يجب أن يقدّمه إلى من يناظره أو يجادله، فيلجأ إلى هذا الأُسلوب، هرباً وعجزاً عمّا وقع فيه.
فمن يريد طرق الحقيقة والبحث عنها والوصول إليها ومن ثمّ نوالها، لابدّ أن يسلك هذا المنهج الذي قدّمناه آنفاً، لاسيما وأنّ هذا المناظر أو المجادل أو الكاتب ممّن يريد أن يدافع عن الإسلام بحسب مدّعياته ومبتنياته الفكريّة والعقائديّة.
وأمّا إذا كانت غايته ومنهجه هي الهدم وليس النقد وكانت نيّته مبيّتة؛ والغرض هو التشنيع والتكفير والتبديع، فهذه من الطامّات التي ابتليت بها الأُمّة الإسلاميّة على طول التأريخ.
ومن البديهي أنّ من يسلك هذا المنهج فلازمه أن يكون خطأوه أكثر من صوابه، وفساده أكثر من إصلاحه.