114للخطر الداهم ضد المسلمين.
إنّ هذا الوضع الاجتماعي والسياسي يفيد: أنّه كان ينبغي للرسول الأعظم(ص) أن يمنع من ظهور أيّ اختلاف وانشقاق في المجتمع من بعده، وأن يضمن استمرار وبقاء الوحدة الإسلامية، وذلك بإيجاد حصن قوي متين حول تلك الأمّة، من خلال تعيين قائد كفوء لها ليمنعها من التشتت والفرقة واختلاف الكلمة وتنازع الأهواء.
فإنّ تحصين الأُمّة، وصيانتها من الحوادث المشؤومة، وعدم السماح لأصحاب الأهواء ليطالب كل فريق بالزعامة لنفسه، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة والحكم وقيادة الأمة سياسياً لم يكن ليتحقق إلاّ بتعيين قائد كفوء للأمّة من قبل مكوّن الأُمة وربّانها وقائدها الأوّل، وعدم ترك الأمور للصٍّدَف والأهواء.
إن هذه المحاسبة الاجتماعية تهدينا إلى صحة نظرية «ضرورة التنصيص على القائد بعد رسول الله(ص)» وتحقّقها وعمل الرسول(ص) بها.
ومن هنا نعرف السرّ في طرح رسول الإسلام مسألة الخلافة في الأيام الأولى من ميلاد الرسالة الإسلامية، يوم لم يكن قد انضوى تحت راية رسالته سوى عدد قليل جداً ممّن أعلن إسلامه وآمن برسالة ربّه. كما نعرف السرّ في مواصلة طرحها من قبله(ص) والتذكير بها طوال حياته وحتى الساعات الأخيرة منها.
وقد كان أبرزها يوم الثامن عشر من ذي الحجّة السنة العاشرة لهجرة، الذي عرف فيما بعد بيوم غدير خُم.