111ويكفي في أهميّة هذا الحدث التاريخي أنّ هذه الواقعة التاريخية رواها مئة وعشرة من الصحابة 1.
حديث الغدير لا يقبل التأويل
زعم البعض أنّ النبي(ص) لم يقصد من عمله ومما قاله في يوم الغدير أن ينصب عليّاً(ع) وليّاً، بمعنى كونه قائداً للمسلمين وخليفة له من بعده، وإنما أراد أن يبيّن فضله ومنزلته، فإنّ كلمة الولي تستعمل أيضاً بمعنى الناصر والصديق والحبيب، ولا ضرورة لحملها على الأولوية بالتصرّف لتكون بمعنى القائد والحاكم والمتولي لأمور المسلمين.
ولكن ملاحظة ظروف هذا الحدث التاريخي التي صنعها الرسول(ص) لا تدع مجالاً لهذا التأويل، وتجعله زعماً بلا دليل; فإنّ منع الألوف المؤلفة عن المسير وحبسهم في رمضاء الهجير، والاهتمام بإرجاع من تقدّم منهم وإلحاق من تأخّر عنهم، وأمرهم بأن يبلّغ الشاهد منهم الغائب عنهم، ونعي نفسه المباركة إليهم، وأخذ الإقرار منهم بالتوحيد والرسالة والمعاد، وأنّه الأولى بهم من أنفسهم، إنّما ينسجم كلّ هذا مع قصده(ص) لبيان أمر مهمّ جداً، فإنّ كلّ إنسان يفهم أنّه(ص) من هذا الاستعداد والإعداد إنّما كان يقصد أمراً مهمّاً في غاية الأهمية، ويرتبط به مصير الأمّة أيّما ارتباط.