20و يقوى هذا الإحساس لدى الإنسان في المطاف،وفي السعي،وفي الموقف في عرفات،وفي الإفاضة إلى المزدلفة،وفي المزدلفة،وفي منى،وفي العودة إلى الطواف والسعي،ويتضاءل لدى الإنسان المسلم الإحساس بالأنا،ويتأكد لديه الإحساس بالجماعة المسلمة،وبأنه عضو من جسم واحد،وليس فرداً من مجموعة إنسانية،وبأن هذه الأُمّة كيان واحد 1،ومصير واحد،وما يصيبه من خير وشر يصيب الجميع،وما يصيب الجماعة يصيبه لامحالة،وبأنه وحده لايستطيع أن يتحرك إلى الله على خطى إبراهيم(ع) إلاّ أن يذوب في هذا الحشد البشري الكبير المتجه إلى الله.
إنّ الناس قبل أن يدخلوا الميقات مجموعة من الأفراد،يتمايزون فيما بينهم،ويتزايدون،ويتكاثرون،ويتفاخرون،ويتجادلون،ويضرّ بعضهم بعضاً،ويعتدي بعضهم على بعض،وتجمعهم المجامع من المدن،والضواحي،والقرى،فتجتمع في هذه المجامع هذه النزعات المتضاربة،والأهواء المتخالفة،والرغبات المتضادة،وتتقاطع،فتكون المجاميع البشرية ساحة للصراع والخلاف؛أمّا عندما يدخلون الميقات،ويتجاوزونه إلى الحرم،ويصبّون من خلال قنوات المواقيت التي وقّتها رسول الله(ص) إلى الحرم،فإنهم يتحوّلون إلى أمّة واحدة،يتحركون باتجّاه واحد،ويلبّون دعوة واحدة،ويلبسون زياً واحداً،ويطوفون حول كعبة واحدة،ويسعون في مسار واحد،ويؤدون مناسك واحدة،لا يختلفون،ولا يتجادلون،ولا يتفاخرون،ولا يتضاربون،ولايؤذي بعضهم بعضاً،وكأنّ الحرم يصهرهم في بوتقة واحدة،ويجعل منهم كياناً جديداً يختلف عما كانوا عليه.
حرم آمن
و أبرز خصائص هذا التركيب الجديد للمجتمع البشري الذي يستحدثه (الحرم) في حياة الناس هو الأمن والإحساس ب- (الأمن) إنّ هذا الأمن من نتائج هذا