19والأنا)،فيملأ عليه كل حواسه ومشاعره،فلا ترى في المطاف أفراداً يتحركون،وإنّما ترى كتلة بشرية واحدة من الناس تطوف حول البيت العتيق.
و لو أنّ الحاج الذي تجرد في الميقات لم يكن يصبّ في المطاف في بحر الجماعة المؤمنة لكان يضيع ويفقد مقومات وجوده وشخصيته،كما يضيع الوجوديون اتباع جان بول سارتر،عندما يتجردون عن هوياتهم وماهياتهم التي خلقها الله تعالى عليها 1،ولكنّه لا يكاد يتجرّد من الأنا ومعالمه وحدوده حتى يستلمه البحر البشري الكبير في المطاف،كما تصب سواقي الماء في النهر الكبير،ويعود في المطاف إلى لون جديد من الحياة،وإلى حياة جديدة لم يألفها من قبل بهذه القوة والفاعلية،ولم يتذوقها بهذه الصورة؛يموت فيه الأنا،ويبعث الله في نفسه الإحساس بالجماعة،وينتقل إلى طور جديد من الحياة،أهم خصائصه غياب الفردية وحضور الله تعالى في حياته،وسط بحر متلاطم من الناس.