23
اَلْخَيْرٰاتِ»
1
إرشادا إلى ذلك، فلا يجب عليه المسارعة والمبادرة شرعاً بأن يكون عاصياً في تأخيره مطلقاً، بل العقل يلزم ذلك عليه ويراه مقتضى أدب عبودية العبد للمولى بأن يتحذر من الوقوع في ترك الطاعة بالتأخير.
وبعبارةٍ اُخرى: يلزم عليه تحصيل مطلوب المولى فوراً نفسياً أو حذرا من الوقوع في ترك الامتثال (لا فعل المعصية) ، فهو مع الاطمئنان بالأداء وبقاء إمكان الامتثال أو الظن بالبقاء، بل والإحتمال العقلائي إن لم يتمكن من الامتثال لم يكن عاصياً لأمره، إلاّ أنه فات منه إطاعته والفوز بقربه، ولذا لا يأذن له العقل في التأخير، فما هو الموضوع للعقاب هو عصيان أمر المولى ونهيه، وهو لا يتحقق هنا إلا إذا أفرط في التأخير وسوَّف على نحو الاستخفاف وعدم الاعتناء، وما هو الموضوع لإلزام العقل جلب منفعة الامتثال والإتيان بمطلوب المولى ودفع الوقوع في فوته منه.
وفي هذا القول أيضاً منع انصراف المطلق إلى الفورية، وعدم تحقق الوجوب إنما يلزم لو قلنا بجواز التأخير المطلق، لا إلى زمان الظن بالموت وصدق التسامح والتهاون، والأخبار الناهية عن التسويف موردها حجة الإسلام دون مطلق الحج الواجب ومطلق النذر.
وما ذكر من التوجيه العقلي لجواز التأخير يرجع إلى القول بلزوم دفع ما يحتمل من وقوعه فوت المنفعة، والظاهر أن العقل لا يستقل بدفعه كاستقلاله بدفع ما يحتمل من وقوعه الوقوع في الضرر والمفسدة، إذاً فيكفي في جواز التأخير عدم وصوله إلى حد يصدق عليه التسامح والاستخفاف وجعل النفس في معرض المخالفة