278فإن قيل ثم للترتيب متراخيا فما معنى الترتيب بين قوله فَاذْكُرُوا اَللّٰهَ عِنْدَ اَلْمَشْعَرِ اَلْحَرٰامِ و بين قوله ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ اَلنّٰاسُ و لا خلاف أن الوقوف بعرفات مقدم على الوقوف بالمشعر. قلنا هذا يوجب الترتيب في الإخبار بهما لا بالعمل فيهما و نحوه قوله تعالى ثُمَّ كٰانَ مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بعد قوله أَوْ إِطْعٰامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ و لا خلاف أن الإيمان يجب أن يكون قبل الإطعام. و قد روى أصحابنا أن هاهنا تقديما و تأخيرا و تقديره ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس و إذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام و استغفروا الله إن الله غفور رحيم. و أجاب المتأولون بأن قالوا رتبت الإفاضة بعد المعنى الذي دل الكلام الأول عليه كأنه قيل أحرموا بالحج على ما بين لكم ثم أفيضوا يا معشر قريش من حيث أفاض الناس بعد الوقوف بعرفة. و هذا قريب مما قلناه و إنما عدل من تأوله على الإفاضة من مزدلفة لأنه رآه بعد قوله فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ قال فأمروا أن يفيضوا من المزدلفة يوم الوقوف بها كما أمروا بعرفة و ما قدمناه هو التأويل المختار. فإذا أصبح يوم النحر صلى الفجر و وقف للدعاء بالمشعر إلى طلوع الشمس ثم يفيض إلى منى لأداء المناسك بها كما بينها رسول الله لقوله وَ أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّٰاسِ .