277مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ اَلنّٰاسُ كانت قريش في الجاهلية لا تخرج إلى عرفات و يقولون لا نخرج من الحرم و كانوا يقفون يوم عرفة بالمشعر الحرام و ليلة العيد أيضا بها و كان الناس الذين يحجون غيرهم يقفون بعرفات يوم عرفة كما كان إبراهيم و إسماعيل و إسحاق يفعلون فأمر الله أن يقف المسلمون كلهم يوم عرفة بعرفات و يفيضوا منها عند الغروب إلى المشعر بقوله تعالى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ اَلنّٰاسُ و الإفاضة منها لا يمكن إلا بعد الوقوف أو الكون بها.
فصل
2\198
2\198 و قوله فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ بين تعالى فرض الموقفين عرفات و المشعر أي إذا دفعتم من عرفات بعد الاجتماع بها فَاذْكُرُوا اَللّٰهَ عِنْدَ اَلْمَشْعَرِ اَلْحَرٰامِ . أوجب الله على الحاج كلهم أن يذكروا الله بالمشعر لأن الأمر شرعا على الوجوب و لا يجوز أن يوجب الذكر فيه إلا و قد أوجب الكون فيه ففي هذا دلالة على أن الوقوف بالمشعر الحرام ليلة العيد فريضة كما ذهبنا إليه و تقدير الكلام فإذا أفضتم من عرفات فكونوا بالمشعر الحرام و اذكروا الله فيه أي اذكروه تعالى بالثناء و الشكر حسب نعمائه عليكم بالهداية فإن الشكر يجب أن يكون على حسب النعمة في عظم المنزلة كما يجب أن يكون على مقدارها لو صغرت النعمة و لا يجوز التسوية بين من عظمت نعمته و من صغرت نعمته يعني اذكروه ذكرا فيه بمثل هدايته إياكم و إن كنتم قبل محمد و قبل الهدى لَمِنَ اَلضّٰالِّينَ عن النبوة و الشريعة هداكم إليه.