28
[. . .] اليه والمهانة اللازمة من الخدمة، و على ذلك فمن الجمع بين الطائفتين و حمل الاُولى على غير مورد الثانية يلزم حمل الأخبار الاُولى على صورة العجز حتى مع المشقة و الوقوع في المهانة، و حيث إنّه يلزم من ذلك حمل المطلق على الفرد النادر، فلا محالة يقع التعارض بين الطائفتين، فلا بدّ من الرجوع الى المرجّحات.
والترجيح مع النصوص الاُولى، و ذلك لوجوه:
الأول: كون مفادها مشهوراً بين الأصحاب كما تقدّم.
وما في المستند من الايراد على ذلك، أوّلاً: بأنّ كلمات الأصحاب منصرفة الى الغالب من الاحتياج الى الراحلة - و ثانيا: أنّ الترجيح بهذه الامور ممّا لم يثبت اعتباره. يرد عليه ما تقدّم من أنّ جمعاً من الأصحاب صرّحوا باعتبارها حتى مع عدم الحاجة، و هو الظاهر من كلمات الآخرين، لاأقلّ من الإِطلاق و عدم تسليم الانصراف، و الشهرة الفتوائية ممّا دل النص على كونها من المرجّحات، بل هي أول المرجّحات بناءً على أنّ الشهرة المجعولة مرجّحة هي الشهرة الفتوائية لاالروائية.
الثاني: أنها موافقة للكتاب الدالّ على نفي العسر و الحرج، و الثانية مخالفة له.
فإن قيل: إنّ الثانية أيضاً موافقة لإِطلاق الكتاب أي إطلاق آية وجوب الحج.
قلنا أوّلاً: أنّه لامجال للأخذ به بعد كونه محكوماً لدليل نفي العسر و الحرج.
وثانياً: أنّه قيّد دليل وجوب الحج بالاستطاعة، و صدقها أو الكلام.
الثالث: مخالفتها للعامة حيث إنّ كثيراً منهم ذهبوا الى عدم اعتبار الراحلة مع عدم الحاجة، بل عن المالك عدم اعتبارها مطلقاً و لو مع المشقة، فتأمل.
ولعلّه الى ذلك الشيخ -ره- في حمل الأخبار الثانية على التقية، فالمتحصّل أنّه يعتبر الراحلة حتى مع عدم الحاجة اليها.