179بعد هذا إن شاء اللّه و جملة القول فى ذلك أن النذر فى الهدى هو أن يجعل المرء على نفسه نذرا أن يهدى هديا ما كان من الهدى من الإبل و البقر و الغنم، و يسمى ذلك إن شفى اللّه عليله أو رد غائبه أو فعل به أو بأحد من من خاصته شيئا من الخير ففعل اللّه عز و جل ذلك له فعليه أن يفى بذلك النذر كما كان جعله على نفسه مما لا يجوز له و يقدر عليه، و قد مدح اللّه عز و جل فاعلى ذلك فقال: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخٰافُونَ يَوْماً كٰانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً» و قال: «وَ مٰا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اَللّٰهَ يَعْلَمُهُ» فإن نذر فى معصية فلا شىء عليه و لا يأتى المعصية، و ذلك مثل أن يقول: إن قليت فلانا أو زنيت بفلانة أو قدرت على مال حرام أو ما كان من المعاصى فعلى كذا نذرا، فلا يفعل ذلك و لا نذر عليه فيه فعله أو لم يفعله. و مثل ذلك فى باطن الهدى على ما قدمنا من القول فيه أن يجعل المرء على نفسه فى الطاعة على ما قدمنا ذكره أن يبلغ مؤمنا إلى حد من حدود الإيمان بسعيه له فى ذلك و إنفاقه عليه من ماله فذلك يلزمه أن يفعل على ما أوجبه على نفسه إذا فعل اللّه له من الخير ما نذر أن يفعل ذلك له، و أما ما كان من الجزاء فى ظاهر الهدى و هو ما يجزى به من أصاب صيدا و هو محرم، من أن يهدى مثله من النعم، و ما يجب على من أفسد شيئا من حجه أو تعدى ما أمر به فى إحرامه من الهدى من نحو ما قال اللّه جل من قائل: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ 1مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» و سيأتى ذكر ذلك بعد هذا فى موضعه إن شاء اللّه. و مثل ذلك فى الهدى الباطن ما يجب على من فاتح بالباطن قبل أن يطلق له ذلك و هو فى حال المحرم، أو أفسد شيئا من حدود الواجب عليه فى حين قصده إلى إمام زمانه أو تعدى شيئا مما يؤمر به فى ذلك فعليه فى الباطن أن يسعى بنفسه و ماله فى أن يرقى مؤمنا إلى حد من حدود الإيمان بقدر ما يلزمه فى ذلك، و سيأتى ذكر ذلك و الواجب فيه فى موضعه بعد هذا إن شاء اللّه، و أما هدى المتعة فى الظاهر و هو على من تمتع بالعمرة إلى الحج لقول اللّه عز و جل: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى اَلْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ» و باطن ذلك ما قد تقدم القول به من قصد إمام الزمان و حجته فى مسير واحد، و من فعل ذلك كان عليه أن يسعى فيما تيسر من إرقاء مؤمن إلى درجة