180من درجات الإيمان بنفسه و ماله، فهذه جملة من القول فى معنى الهدى الواجب فى الظاهر و الباطن، و هدى التطوع فى الظاهر هو ما يتطوع المرء به فى غير واجب عليه منه فيسوق فى حجه أو عمرته أو يرسل مع غيره هديا ينحر ما كان من إبل أو بقر أو غنم، و تأويله فى الباطن أن يتطوع المؤمن بعون المؤمنين من المستجيبين و الواصلين إلى دعوة الحق بنفسه و ماله فى إرقائهم من درجة من درجات الإيمان إلى ما فوقها و الذى جاء فى الظاهر أن من انكسر هديه و عطب ضمن ما كان منه موجوبا فضمانه ذلك أن يهدى مكانه غيره إن استطاع ذلك و إن لم يستطعه فهو عليه دين مضمون، إلى أن يستطيعه، و ما كان من ذلك تطوعا فالخيار له فيه إن شاء أهدى غيره مكانه و إن لم يفعل ذلك فلا شىء عليه، و مثل ذلك فى الباطن أن من وجب عليه أن يبلغ مستجيبا أو مؤمنا إلى درجة من درجات الإيمان و أخذ له فى السعى فى ذلك فرجع من فعل ذلك له عن الإيمان، و ذلك مثل هلاك الهدى أو دخلت عليه فتنة أو ضلالة قصرت عن بلوغ ما أراد أن يرقيه إليه و ذلك مثل كسر الهدى أن على من وجب ذلك عليه أن يستقبل مثله فى آخر و يدع من حل ذلك به، و لا يجزى عنه ما قد كان فعل به فى ذلك إذا لم يكن أكمله له و إن كان إنما فعل من ذلك به ما فعله و أخذ فيه له تطوعا من غير واجب عليه فأصابه ما أصابه من ذلك فلا شىء على من أراد به ذلك من الجزاء، إلا أن يريد التطوع به فى آخر، و أما قوله إن ما كان مضمونا من الهدى فنحره لم يأكل منه و عليه أن يتصدق بجميعه، و إن ما كان تطوعا أكل منه و أطعم و تصدق إن شاء فهذا هو الواجب فى الهدى الظاهر، و تأويل ذلك و مثله فى الباطن أنه إن فعل ذلك بمستجيب أو مؤمن فى واجب عليه شيئا من نحو ما قدمنا ذكره لم يكن له أن يأخذ ممن فعل ذلك به و لا من أحد بسببه عوضا بوجه من الوجوه، و لا أن يقبل منه على ذلك جزاء لأنه إنما فعل واجبا قد وجب عليه، فإن فعل ذلك تطوعا فجازاه من فعل ذلك به بجزاء لم يكن عليه إن قبل ذلك منه شىء.
و يتلو ذلك من كتاب دعائم الإسلام ما جاء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من أنه لما أشرف على البيداء فى حجة الوداع أهل بالتلبية، و الإهلال رفع الصوت