172و اياك و ان تتوهم ان المراد من الزيارة المندوب اليها في الحج هو زيارة القبور فقط و ان كانت تلك أيضا من حقوق الولاية لان المعصوم حياته و مماته سواء اذ كان موته كحياته للّه حيث قال: «إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ» بل المراد منها اولا هو لقاء الوالى الاسلامى و اعلامه الولاية و عرض النصرة عليه و ثانيا هو الحضور عند قبره و الصلاة عليه و الدعاء و الابتهال و الضراعة الى اللّه تعالى و لذا قال عليه السلام: ابدءوا بمكة و اختموا بنا 1و من هنا يظهر سر قوله تعالى «لاٰ أُقْسِمُ بِهٰذَا اَلْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهٰذَا اَلْبَلَدِ» 2حيث يستفاد منه ان البلد الامين لا حرمة له لو لا محمد الامين صلى اللّه عليه و آله و ان الاقسام بمكة انما هو بحلول رسول اللّه في ذاك المحل و انه لو لاه لما صارت مقسما بها كما ان الحلف بالزمان الخاص و هو عصر الرسالة في قوله تعالى: «وَ اَلْعَصْرِ إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ» -انما هو بلحاظ المتزمن المخصوص و هو النّبيّ المبعوث يعنى ان حرمة ذاك المكان و هذا الزمان بحرمة المتمكن و المتزمن اى الحاكم على امور المسلمين باذن اللّه.
فتبين ان مغزى الحج و روحه لقاء الوالى و عرض النصرة عليه و القيام معه و الرغبة اليه و الرهبة عن مخالفته و نحو ذلك و لو لا الوالى الاسلامى الحاكم الالهى لعادت مكة الى مآلها من سوق عكاظ و صارت الكعبة مأوى للأصنام و محلا للأوثان و لعلى هبل على ظهر الكعبة و ليباع مقاليدها ببعير و زق من خمر كما مرتدبر.
و الشاهد الرابع على ان الحج ممثل للحكومة الاسلامية
هو ان الإسلام الذى بعثت به الانبياء انما يتجلى في التوحيد المحض الذى يطرد