169و حيث ان الاصل الثابت يؤتى اكله كل حين باذن ربه و لا اصل حيث لا ثمر كما لا ثمر بدونه و ان الحج ممثل لثمرة هذه الشجرة الطيبة اى العقائد و المعارف الثلاثة من التوحيد و النبوة و المعاد و ان من اطيب ثمارها هو الحكومة الاسلامية التى لا يتخذ فيها بَعْضُنٰا بَعْضاً أَرْبٰاباً فيلزم البحث حول هذا الامر الهام الذى لولاه لاندرس الدين و زال الحق و ضاع اذ لَوِ اِتَّبَعَ اَلْحَقُّ أَهْوٰاءَهُمْ لَفَسَدَتِ اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ حيث ان المجتمع الذى لا يحكم فيه اللّه هو مجتمع الكفر و الطغيان الذى إلهه هواه و الاهواء مختلفة و الامانى شتى فاين يذهبون و اين يتاه بهم و اضلهم اللّه على علم و لهذا شواهد.
الشاهد الاول على ان الحج ممثل للحكومة الاسلامية
هو ان ابراهيم لما رفع مع ابنه إسماعيل قواعد البيت دعا ربه بادعية راقية اجابها اللّه تعالى و منها قوله: «رَبَّنٰا وَ اِبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيٰاتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ» 1حيث ان الامة المسلمة اذا دعوا من اقطار العالم في جميع الاعصار الى حج البيت و اجابوا ربهم و اتوه عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ و مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فلا بد لهم ممن ينظم امورهم و ينضدها و لا بد لهم أيضا من اصول و احكام يجرون في امورهم السياسية عليها عدا ما لهم من المناسك العبادية فكيف يمكن ان يجتمعوا في صعيد واحد و لكل منهم آداب و سنن بل كيف يمكن نظم امورهم لو لا الاصل المقبول لهم جميعا و لو لا الشخص الذى يسلمه الكل السائر فيهم جميعا بسنة واحدة يتلقونها بالقبول و يسوسهم بقانون فارد يخضعون لديه و هذا هو الحكومة.
و من هنا ترى نصوص باب الحج تنادى بان لهؤلاء الذين اجابوا