163فاذا تبين ان الحج هو وحى ممثل و تلقاه مؤسس الكعبة بالمشاهدة و الرؤية يلزم ان يكون الناس مأمورين باتيان ما ورثوه منه و بالنظر الى ما رآه لعلهم يرون شيئا مما رآه و يشاهدون نزرا مما شاهده اذا النظر الى ظاهر الكعبة المأمور به مقدمة لرؤية ملكوتها فحينئذ يتجه معنى قوله تعالى: «وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالاً وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» 1اذ المستفاد من قوله تعالى يَأْتُوكَ هو مجيئهم عند ابراهيم و لقائهم اياه و نيلهم ما ناله و شهودهم ما شاهده لا مجرد اتيان البيت و شد الرحال الى مكة اذ التعبير القرآن ليس هو مجرد العمل بالمناسك بل التعبير هو قوله تعالى «يَأْتُوكَ» تدبرو لا يأتى ابراهيم الا من تهيا و تعبا واعد و استعد للقيام تجاه الطغاة اللئام الذين يقولون: «حَرِّقُوهُ وَ اُنْصُرُوا آلِهَتَكُمْ» 2اذ الكعبة كما تقدم قيام للناس و لا قيام ان يقول القائم لعبدة الاوثان و الاهواء «أُفٍّ لَكُمْ وَ لِمٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ» 3و لا قيام الا ان يقول القائم للذين كفروا و مَرَدُوا عَلَى اَلنِّفٰاقِ . . . «إِنَّنِي بَرٰاءٌ مِمّٰا تَعْبُدُونَ» 4و لا يأتى ابراهيم الا من يقول «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ حَنِيفاً» 5و بالجملة لا يأتيه «إِلاّٰ مَنْ أَتَى اَللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» 6كما اتاه تعالى ابراهيم به.
و من ذلك كله يتجلى قوله تعالى: «وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلنّٰاسِ