125عنه تعالى بين ان يكون هو جلب النفع الى نفسه او ايصال الخير الى الغير اذ لو كان ايصال ذلك الخير الى الغير غرضا له و غاية لذاته يلزم ان يكون ذاته تعالى بدون ذلك الايصال ناقصا و معه يصير كاملا و هو محال بل هو تعالى جواد محض يهب ما ينبغى كما ينبغى لا لعوض و لا غرض و ان كان فعله تعالى متن الحكمة و ينبوع الخير و معدن البركة.
فمن هنا يتبين الجمع بين قوله تعالى. . . مٰا خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ. و قوله تعالى: «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اَللّٰهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ» . 1لان معنى الكريمة الاولى هو بيان غاية الخلق اى الهدف السامى للمخلوق و الكمال النهائى له هو ان يصير عبدا له تعالى كما قال مولى الموحدين على بن أبي طالب عليه السلام «الهى كفى بى فخرا ان اكون لك عبدا» و معنى الكريمة الثانية هو بيان ان اللّه تعالى لم يكن محتاجا الى ان يصير معبودا بحيث لو لم يعبد لبقى على نقصه و حاجته فاذا صار معبودا ارتفع نقصه و سد حاجته سبحان الغنى المحض عن الفقر الى شيء اصلا بل هو الغنى الجواد عبد أم لم يعبد.
و هكذا تبين مغزى القول في بيانه تعالى: كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكى اعرف. لان معرفة اللّه تعالى كعبادته تعالى غاية الخلق لا الخالق اذ الهدف انما هو للمحتاج لا للغنى و الغرض انما يتصور للناقص لا للكامل بالذات لان ذاته هو الهدف لجميع ما سواه.
ثم ان هناك بيانا حكميا في ضرورة الغاية لكل فعل و في تحتم الغرض لكل فيض و في كون كل فاعل انما هو يفعل لغاية ينحوها حتى يستكمل