124من اولها الى آخرها لأولي الالباب و النهى 1.
فهذا الكتاب القيم بما فيه من الاحكام و الحكم عَيْنٰانِ نَضّٰاخَتٰانِ يشرب منهما من له جنتان لأنه ارتقى من حضيض الحيوة الدنيا الى اوج الحيوة الاخرى و منها الى ما ورائها لان اهل اللّه لا يشتاق الى الجنة و ان تشتاق اليه كما انه لا يخاف من النار و ان تخاف منه لأنه قسيم الجنة و النار و يسجد له باذنه تعالى رضوان الجنة و خازن النار و لذا لا يعبده تعالى شوقا الى النعمة و لا خوفا من النقمة بل يعبده حبا له كما سيوافيك فارتقب البحث عن جنة اللقاء الموعودة لمن حج البيت و زار ربه هناك و أم الكعبة و شاهد ربها هنا لك طوبى له وَ حُسْنُ مَآبٍ .
و اما الامر الثانى و هو العبادة بظهرها و بطنها غاية الخلق المحتاج
لا الخالق الغنى المحض
كما ان جميع ما في حوزة الوجود الامكانى من الغيب و الشهادة بعضها غاية للبعض و اللّه تعالى غاية للكل بالذات و لا غاية له تعالى وراء ذاته المتعالية و هو تعالى الاخر كما هو الاول و هو الباطن كما هو الظاهر.
فبيانه هو ان كل فاعل يفعل فعلا لغرض يناله و غاية يطلبها فهو ناقص و كل ما ليس بناقص فهو لا يفعل فعلا لغرض و غاية. 2و حيث ان الخالق تعالى غنى عن العالمين فليس بناقص فلا يفعل فعلا لغرض ينحوه و غاية يطلبها و إلا لزم ان يكون بذاته ناقصا و محتاجا و يصير بغيره كاملا و مستغنيا و حاشا الغنى المحض عن الفاقة و سبحان الكامل الصرف عن النقص. و لا ميز في الغرض المنفى و الغاية المسلوبة