65
الثّالث: تعليق التزام البائع بيعه على فعل صادر من المشتري كالخياطة لا تعليق البيع، و مرجع هذا التعليق إلى جعل الخيار لنفسه على تقدير عدم الخياطة.
و شيء ممّا ذكر من الأقسام غير جار في المقام، لأنّ تعليق المنشأ على شيء إنّما يتصوّر في الأُمور الاعتباريّة كالملكية و نحوها، و أمّا الأُمور الخارجيّة التكوينيّة كالضرب و الأكل و منها الإعطاء الخارجي فغير قابلة للتعليق، بل إمّا أن تقع و إمّا لا تقع، فلا معنى لأن يأكل شيئاً على أن يكون ملك نفسه مثلاً، أو يضربه بشرط أن يكون زيداً، و من هذا القبيل إعطاء الخمس له فإنّه كالأكل فإنّه إمّا يتحقق في الخارج أم لا، فلا معنى لأن يقال إن لم يحجّ به فالإعطاء غير واقع، و المفروض صدور الإعطاء منه في الخارج. و أمّا الملكية الشرعيّة و إن كانت قابلة للتعليق لأنّها من الأُمور الاعتباريّة، و لكنّها ليست بيد المكلّف و إنّما هي بيد الشارع المقدّس و قد ملّكها للفقراء و السادة، و ليس للمالك أزيد من الإعطاء و تفريغ ذمّته و قد وقع منه.
و أمّا تعليق الالتزام بالإعطاء على الحجّ، بمعنى أنّه يلتزم المالك بأن يعطيه الخمس أو الزكاة معلقاً على الحجّ به، فقد عرفت أنّ مرجع ذلك إلى جعل المالك لنفسه حق الخيار و الرّجوع إلى المال، إذا لم يصدر المعلّق عليه من الطرف المقابل، إلّا أنّه لا يمكن الالتزام بذلك في المقام، لأنّ المالك ليس له الرّجوع فيما كان للّٰه تعالى كما في النص 1فإنّ ما أعطاه زكاة أو خمساً و انطبق عليه ذلك، فليس للمالك الرّجوع عن عطائه فإنّ ما كان للّٰه لا يعود. فليس في البين إلّا التزام الفقير الآخذ للمال بصرفه في الحجّ، و لا أثر لالتزامه فإنّه يرجع إلى الوعد الابتدائي الّذي لا يجب العمل فيه.
و لو تنزّلنا عن جميع ذلك، و قلنا بإمكان التعليق في المقام، و لكن ليس لمن عليه الزكاة أو الخمس هذا الاشتراط و هذه السلطنة، لعدم الولاية له على مثل ذلك، و إنّما اللّازم عليه الأداء و الإعطاء إلى أهله و إبراء ذمّته من الدّين، نعم له حق التطبيق في الدفع و الأداء إلى مستحقه، و له أن يختار خصوص الفقير الفلاني أو السيِّد الفلاني و ليس له أزيد من ذلك، و لو جاز له أزيد من ذلك لجاز له أن يشترط أُموراً أُخر على