63
و إذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود (1) .
جواز رجوع الباذل شيء آخر.
و بما ذكرنا يظهر أنّه لا مجال للتمسّك بقاعدة الغرور لعدم جواز رجوع الباذل عن بذله، لأنّ أقصى ما تدل عليه قاعدة الغرور إنّما هو ضمان الغار لمصاريف العمل الّذي وقع بأمره، فيجوز للمغرور الرّجوع إلى الغار فيما يصرفه في سبيل العمل الواقع حسب أمره و إذنه، و لا يثبت بها عدم جواز رجوع الباذل عن بذله، فيمكن له الرّجوع إلى شخص ماله و لكن يضمن ما يصرفه المبذول له، فلا منافاة بين ثبوت الضمان على الباذل و جواز رجوعه عن بذله. هذا مضافاً إلى أنّ قاعدة الغرور لم تثبت على الإطلاق، و إنّما وردت في موارد خاصّة، و لا دليل عليها سوى النّبوي المرسل في الكتب الفقهيّة.
نعم، وردت في باب تدليس المرأة رواية فيها لفظ الغرور «و على الّذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غرّ الرّجل و خدعه» 1و الرّواية ضعيفة بمحمّد بن سنان.
على أنّ الغرور في المقام غير صادق، لأنّه يتوقّف على علم الغار و جهل المغرور و كون الغار قاصداً لإيقاع المغرور في خلاف الواقع، و أمّا ما نحن فيه فالباذل لم يكن عالماً بالرّجوع عن البذل من باب الاتّفاق، لعدم وفاء ماله بالبذل أو لأغراض و جهات أُخر.
فظهر أنّ مقتضى القواعد جواز الرّجوع إلى ماله، و لكن يضمن ما يصرفه المبذول له في سبيل إتمام العمل للسيرة العقلائيّة.
لأنّ السفر وقع بإذنه و أمره، و الإذن في الشيء إذن في لوازمه حسب السيرة العقلائيّة كما قلناه.