62
لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحجّ إذا كان مستطيعاً فعلاً (1) و على الباذل ضمان ما صرفه للإتمام (2) .
و هو ممنوع لأنّ الاستطاعة شرط في وجوب الحجّ حدوثاً و بقاءً، فإذا ارتفعت الاستطاعة بعد الإحرام كما إذا فقد ماله أو رجع الباذل عن إذنه و امتنع من الإنفاق انكشف أنّه غير مستطيع من أوّل الأمر فلا يجب عليه الحجّ، و إذا لم يكن واجباً عليه لا يجب عليه الإتمام، و المفروض أنّه لم يأت به ندباً حتّى يتمّه، و إنّما دخل في الإحرام بعنوان أنّه مستطيع و بعنوان حجّة الإسلام، ثمّ انكشف أنّه لم يكن ثابتاً عليه، و أمّا إتمام العمل لا بعنوان حجّ الإسلام فأمر يحتاج إلى دليل و هو مفقود، فله رفع اليد عن إحرامه و الرّجوع إلى بلاده.
و ثانياً: لو فرضنا وجوب الإتمام على المبذول له فإنّما هو وجوب مخاطب به نفس المبذول له، و ذلك لا يرتبط بالباذل و لا يوجب استمرار البذل على الباذل و صرف المال من كيسه على ذلك الرّجل بعد أن رجع عن إذنه، فالصحيح جواز الرّجوع للباذل عن بذله قبل الإحرام و بعده.
و أمّا تنظير المقام بباب الإذن في الصّلاة، ففيه: أنّ الكلام في المقيس عليه، لأنّ عدم جواز رجوع المالك عن إذنه في الصّلاة يتوقّف على وجوب إتمامها و حرمة قطعها على الإطلاق و هو أوّل الكلام، إذ لا دليل على حرمة قطع الصلاة سوى الإجماع و القدر المتيقّن منه غير هذا المورد، فحينئذ إذا رجع المالك عن إذنه كان بقاء الرّجل و مكثه في الدار غصباً و معه تبطل الصلاة.
لحصول الاستطاعة الملفّقة من البذلية و الملكية، و قد عرفت الاكتفاء بذلك في ثبوت الوجوب.
لأنّ الإذن في الإحرام إذن في الإتمام، فإنّ الإذن في الشيء إذن في لوازمه لقيام السيرة العقلائيّة على أنّ كلّ عمل يقع بأمر الغير و إذنه يقع مضموناً عليه، و لكن ثبوت الضمان عليه لا ينافي جواز رجوع الباذل عن بذله، فإنّ ضمان العمل شيء و عدم