43
[مسألة 36: إذا وجب عليه الحجّ و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها]
مسألة 36: إذا وجب عليه الحجّ و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها و لم يجز له تأخيره لأجل السفر إلى الحجّ (1) . و لو كان ثياب طوافه و ثمن هديه من المال الّذي قد تعلّق به الحق لم يصحّ حجّه (2) .
لأداء ما عليه من الخمس أو الزّكاة، فهل يقدّم الحجّ على أداء الحق الشرعي أم لا؟ و هنا صورتان:
الاُولى: ما إذا كان الحق متعلّقاً بذمّته، و حكمه حكم الدّين الشخصي و قد عرفت أنّ الدّين المطالب به يقدّم على الحجّ، و لا فرق بين كونه مديناً لشخص معيّن أو لجهة من الجهات، فيتزاحم التكليفان و يجب عليه صرف المال في أداء الدّين، لأهميّته من حق اللّٰه تعالى فتزول الاستطاعة.
الثّانية: أن يكون الحق الّذي هو الزكاة أو الخمس متعلّقاً بعين ماله فلا ريب أيضاً في تقديمهما على الحجّ، لا لأنّ التعلّق بالعين مانع عن التصرّف فيها على خلاف مقتضى الحال كالتصرّف في العين المغصوبة فإنّه لا يجوز التصرّف فيها، فإنّ الجواب عن هذا واضح لأنّ حرمة التصرّف في المال لا تكون مانعة، و لذا لو عزل الزكاة و جاز له تأخير أدائها لم يجز له التصرّف في المال بالحج، فيتبيّن أنّ عدم وجوب الحجّ غير مستند إلى الحكم التكليفي كحرمة التصرّف في المال أو وجوب الأداء، بل الوجه في التقديم أنّه مع وجود الحق في ذمّته غير مستطيع و غير واجد لما يحجّ به فإنّ ثبوت الحق في ذمّته يوجب فقدان موضوع الحجّ و هو الاستطاعة.
لعدم الفرق بين الدّين لشخص أو لجهة كالفقراء و السادة، و قد عرفت فيما سبق أنّ أداء الدّين لأهميّته يقدّم على الحجّ.
لأنّه كالمغصوب و المعتبر إباحة ثوب الطّواف، كما أنّه يعتبر حلية ثمن الهدي و إلّا فلا يدخل في ملكه فيكون تاركاً للهدي، و قد تقدّم الكلام في ذلك في المسألة الثلاثين.