9
[مسألة 1: لا خلاف في أن وجوب الحجّ بعد تحقق الشرائط فوري]
[2980]مسألة 1: لا خلاف في أن وجوب الحجّ بعد تحقق الشرائط فوري (1) بمعنى أنه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة، فلا يجوز تأخيره عنه، و إن تركه فيه ففي العام الثاني، و هكذا. و يدلُّ عليه جملة من الأخبار.
و الأولى في توجيه هذه الروايات أن يقال: إنها ناظرة إلى ما كان يصنعه أهل الجاهلية من عدم الإتيان بالحج في بعض السنين لتداخل بعض السنين في بعض بالحساب الشمسي، فإن العرب كانت لا تحج في بعض الأعوام، و كانوا يعدون الأشهر بالحساب الشمسي، و منه قوله تعالى إِنَّمَا اَلنَّسِيءُ زِيٰادَةٌ فِي اَلْكُفْرِ 1، و ربّما لا تقع مناسك الحجّ في شهر ذي الحجة، فأنزل اللّٰه تعالى هذه الآية ردا عليهم بأن الحجّ يجب في كل عام و أنه لا تخلو كل سنة عن الحجّ.
و بالجملة: كانوا يؤخِّرون الأشهر عمّا رتبها اللّٰه تعالى، فربّما لا يحجون في سنة و قد أوجب اللّٰه تعالى الحجّ لكل أحد من أهل الجدة و الثروة في كل عام قمري، و لا يجوز تغييره و تأخيره عن شهر ذي الحجة. فالمنظور في الروايات أن كل سنة قمرية لها حجّ و لا يجوز خلوها عن الحجّ، لا أنه يجب الحجّ على كل أحد في كل سنة، و لعل هذا الوجه الذي ذكرناه أحسن من المحامل المتقدمة، و لم أر من تعرّض إليه.
لأنّ المكلف إذا كان واجداً للشرائط و تنجز التكليف عليه فلا بدّ له من تفريغ ذمّته فوراً و لا عذر له في التأخير مع احتمال الفوت، فلا بدّ له من تفريغ الذمّة. و أما جواز التأخير في بعض المؤقتات كتأخير الصلاة عن أوّل وقتها أو تأخير القضاء و عدم وجوب المبادرة إليها، فإنما هو لأجل حصول الاطمئنان و الوثوق غالباً ببقائه و التمكّن من إتيان الواجب في آخر الوقت، حيث إن الوقت قصير يحصل الوثوق و الاطمئنان غالباً للمكلّفين ببقائهم، بخلاف زمان الحجّ، فإن الفصل طويل جدّاً،