5
القيامة، و لا تدل الآيات على أنّ ترك الصلاة موجب للكفر، بل الكفر و تكذيب يوم القيامة منشأ لترك الصلاة و عدم أداء الزكاة، فلا تدل الآية على أن منكر الحجّ كافر. مضافاً إلى أنه فسّر الكفر بالترك في صحيح معاوية بن عمار «و عن قول اللّٰه عزّ و جلّ وَ مَنْ كَفَرَ ، يعني من ترك» 1على أنه يمكن أن يقال: إنّ المراد بالكفر في المقام الكفران المقابل للشكر، فإن الكفر له إطلاقان:
أحدهما: الكفر المقابل للإيمان.
ثانيهما: الكفران مقابل شكر النعمة، و لا يبعد أن يكون المراد به هنا هو الكفران و ترك الشكر بترك طاعته تعالى كما في قوله سبحانه إِنّٰا هَدَيْنٰاهُ اَلسَّبِيلَ إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا كَفُوراً 2يعني إمّا أن يشكر و يهتدي بالسبيل، و يعمل على طبق وظائفه الشرعية، و إمّا أن يكفر بالنعمة و لا يهتدي السبيل و لا يعمل على طبق وظائفه و لا يشكر ما أنعم اللّٰه عليه.
و قد يستدلّ على كفر منكر الحجّ بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر في حديث قال «قلت: فمن لم يحج منّا فقد كفر؟ قال: لا، و لكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر» 3، بدعوى: أنّ قوله «ليس هذا هكذا» راجع إلى إنكار الحجّ، يعني مَن أنكر الحجّ و قال بأنّ الحجّ ليس بواجب فقد كفر.
و فيه: أن الظاهر من ذلك رجوعه إلى إنكار القرآن و أن هذه الآية ليست من القرآن و أن القرآن ليس هكذا، فإنه (عليه السلام) استشهد أوّلاً بقول اللّٰه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ ثمّ سأل السائل فمن لم يحج منّا فقد كفر، قال (عليه السلام) : «لا، و لكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر» فالإنكار راجع إلى إنكار القرآن و تكذيب النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) :
و بالجملة: لم يظهر من شيء من الأدلة كفر منكر الحجّ بحيث يترتب عليه أحكام