4
و يردّه: أنّا قد ذكرنا في بحث النجاسات 1أنّ الميزان في الكفر و الإسلام أُمور ثلاثة: الشهادة بالوحدانية و الشهادة بالرسالة و الاعتقاد بالمعاد، فمن اعترف بهذه الأُمور الثلاثة يحكم عليه بالإسلام، و يترتّب عليه آثاره من المواريث، و حرمة دمه و ماله، و حلِّيّة ذبائحه و لزوم تجهيزه من الغسل و الكفن و الدفن و غير ذلك من الأحكام و من أنكر أحد هذه الأُمور فهو كافر، و ليس إنكار الضروري من جملتها إلّا إذا رجع إلى تكذيب النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) ، فإنكار الضروري بنفسه و مستقلّاً لا يوجب الكفر ما لم يستلزم تكذيب الرسالة، كما إذا كان الشخص غير عارف بأحكام الإسلام و لم يكن ملتفتاً إلى أن إنكاره يستلزم إنكار النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) فأنكر ضرورياً من ضروريات الدِّين، فإنّ مجرّد ذلك لا يوجب الكفر.
و قد يستدل على كفر منكر الحجّ بما يستفاد من ذيل آية الحجّ من قوله تعالى وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعٰالَمِينَ 2بدعوى أنّ من أنكر وجوب الحجّ كان كمن كفر، فإنّ التعبير عن الترك بالكفر يدلّ على أن منكره كافر 3.
و فيه: أن الظاهر من قوله تعالى وَ مَنْ كَفَرَ أنّ من كفر بأسبابه و كان كفره منشأ لترك الحجّ فإن اللّٰه غني عن العالمين، لا أنّ إنكار الحجّ يوجب الكفر، فإنّ الذي يكفر يترك الحجّ طبعاً لأنّه لا يعتقد به، و نظير ذلك قوله تعالى مٰا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ اَلْخٰائِضِينَ وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ اَلدِّينِ 4فإنّ عدم صلاتهم و عدم إيتائهم الزكاة لأجل كفرهم و تكذيبهم يوم