12و ثانيابعد تسليم القطع بثبوت هذا الارتكاز نقول: أن كونه ناشئا عن سيرة مستمرة إلى زمان الامامعليه السلامغير معلوم لاحتمال نشوه عن انس ذهنهم بالفتاوى قديما و حديثا، لتطابقها على وجوب البدار إليه في أول عام الاستطاعة كما عرفت آنفا.
(الرابع) -الأخبار الواردة في ان من بذل له المال للحج فليحج،
فإنها تدل بظاهرها على الفور، فنتعدى عن مورد البذل الى غيره بتنقيح المناط.
و فيه: أولاأن دلالة الأمر الوارد في الاستطاعة البذلية على الفور أول الكلام، لأن وزان تلك الأخبار الواردة في الاستطاعة البذلية وزان أوامر الحج في الاستطاعة الملكية بلا فرق بينهما. نعم، يمكن الفرق بين المقامين، بأن يقال: إن الغالب في الاستطاعة البذلية، هو ارادة الباذل فورية الحج، و مع عدم قرينة على ارادة فوريته لا فرق بين الاستطاعة الملكية و البذلية في عدم وجوب الفور أو وجوبه أصلا.
و ثانياأنه على فرض التسليم فغاية ما يستفاد من تلك الأخبار هناك هو ثبوت الفور في حق المبذول له، و أما ثبوته في حق غيرهو هو من استطاع بغير البذلفلا يستفاد منها ذلك، و لا يمكن لنا التعدي عن موردها الى غيرها، إلا إذا قام دليل تعبدي من الخارج على جواز التسرية، و هو لم يثبت، فلا بد من الاقتصار على موردها.
و أما القول: بأنه يمكن التعدي عن موردها الى غيره بتنقيح المناط القطعي فلا يمكن المساعدة عليه، لأنه غير قطعي، بل غاية ما يحصل به، هو الظن و هو لا يغني عن الحق شيئا فلا يخرج هذا الوجه عن كونه قياسا لاحتمال خصوصية في الحج البذلى دون غيره.
نعم، إذا قطعنا بملاك الحكم و عدم مانع عن الجعل ايضا فلا محيص حينئذ عن التعدي منه الى غيره و لكنه مجرد فرض لا واقع له لعدم علمنا بالملاكات و موانعها كما لا يخفى.
(الخامس) -أن التأخير إلى سنة أخرى بلا عذر
-مضافا الى أنه في معرض الفوت، لاحتمال عدم التمكن من إفراغ ذمته في العام القابليوجب صيرورة صاحبه متهاونا و غير معتن بأمر المولى و تاركا للحج من غير عذر، مع أنه لو جاز التأخير عن العام الأول