337
و لو أحرم لحجّة من غير مكّة لم يجزئه و إن دخل به مكّة، و يجب عليه استئنافه منها، فإن تعذّر استأنف حيث أمكنو لو بعرفةإن لم يتعمّد و لا يسقط الدم (1) .
قوله: «فإن تعذّر استأنف حيث أمكن، -و لو بعرفةإن لم يتعمّد، و لا يسقط الدم» .
المراد بالدم هنا هدي التمتّع، و نبّه بعدم سقوطه على خلاف الشيخ رحمه اللّه حيث حكم بسقوطه 1عمّن أحرم بحجّ التمتّع من غير مكّة و تعذّر تمكّنه العود إليها، و هو ضعيف جدّا، بل لا وجه له، لأنّ هدي التمتّع عندنا نسك كغيره من أفعال الحجّ لا تعلّق له بالإحرام. و على القول بأنّه جبران لما فات في إحرام حجّ التمتّع من الإحرام من الميقات هو مذهب بعض العامّة 2، و ظاهر الشيخ في المبسوط 3. و يمكن سقوط الدم في المسألة المفروضة على بعض الوجوه لا مطلقا.
و تنقيحه: أنّ القائل بكونه جبرانا حكم بأنّه لو لم يحرم به بمكّة بل خرج إلى أحد المواقيت لم يلزمه دم، لفوات معنى الجبران. و كذا لو أحرم من مكّة ثمّ خرج إلى أحد المواقيت و منها إلى عرفة، بل لو خرج إلى مسافة تساوي مسافة الميقات أو تزيد عليها كفى في سقوطه، لقطعة مقدار المسافة محرما.
و إذا تقرّر ذلك ففي مسألتنا يمكن فرض سقوط الدم على ذلك القول بأن لا يحرم من مكّة بل من أحد المواقيت، أو يمرّ عليها محرما، أو بمسافة مثلها. و أمّا إطلاق سقوطه بمجرّد كونه لم يحرم من مكّة فلا وجه له على القولين، و لا هو موضع الاشتباه.
نعم لما كان الإحرام من غير مكّة شاملا بإطلاقه لموضع النزاع، يمكن فرض المسألة في بعض أفراده، إلاّ أنّ الإطلاق بعيد عن تحقّق المطلوب. و قد أحسن الشهيد رحمه اللّه حيث قال في الدروس في هذه المسألة: و لا يسقط عنه دم التمتّع، و لو أحرم من ميقات المتعة 4.