560لا أن يكون المجموع وصفا للبعض و بالجملة الرواية لا تصلح مخصصة لعموم القرآن و الأحاديث المعتبرة
و لا يباع
للحج
ثيابه و لا داره و لا خادمه
لا أعرف نصّا يتضمّن تفصيل ما يستثنى من مئونة الحج سوى رواية أبي الربيع الدالة على اعتبار استثناء مئونة العيال و كلام الأصحاب في هذا الباب لا يخلو عن نوع اختلاف ففي المنتهى لا يباع داره التي يسكنها في ثمن الزاد و الراحلة و لا خادمه و لا ثياب بدنه و عليه اتفاق العلماء لأن ذلك مما يمس الحاجة إليه و تدعو إليه الضرورة فلا يكلف ببيعه و نحوه في المعتبر و نحوه في التذكرة مع زيادة قوله و لا فرس ركوبه و قال في موضع آخر منه يشترط أن يكون الزاد و الراحلة فاضلين عن نفقته و نفقة من يلزمه نفقته مدة ذهابه و عوده و دست ثوب يليق به و هل يشترط أن يكونا فاضلين عن مسكنه و عبده الذي يحتاج إلى خدمته لعجزه أو لمنصبه الوجه ذلك كما في الكفارة و هو أظهر وجهي الشافعية و الثاني لا يشترط بل يباعان في المئونة و قال في موضع آخر منه لو كان له عقار يحتاج إليه لسكناه أو سكنى عياله أو يحتاج إلى أجرته لنفقة نفسه أو نفقة عياله أو سائمة يحتاجون إليها لم يلزمه الحج و لو كان له شيء من ذلك فاضل عن حاجته لزمه بيعه و صرفه في الحج و في الشرائع و لا يباع ثياب مهنة و لا خادمه و لا دار سكناه للحج و المراد بثياب المهنة ما يتبدل من الثياب و التقييد به يقتضي عدم استثناء ثياب التجمل و قال في الدروس و يصرف في الاستطاعة ما عدا داره و ثيابه و خادمه و دابته و كتب علمه ثم قال في استثناء ما يضطرّ إليه من أمتعة المنزل و السلاح و آلات الصنائع عندي نظر و الأقرب استثناء ما يقع الحاجة إليه عادة بحيث يكون صرفها في الحج موجبا لمشقة و حرج نظرا إلى قوله تعالى مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و ما يوافقه من الكتاب و السنة و على هذا لو أمكن تحصيل ما يحصل به الكفاية من هذه الأشياء بالإجارة و نحوها من غير مشقة عادية فالاستثناء لا يخلو عن إشكال و هل يعتبر في المستثنى أن يكون مناسبا لحاله بحسب عادة زمانه و مكانه في العز و الشرف لا يبعد ذلك نظرا إلى أن الاستطاعة المذكورة في النصوص تنصرف إلى الاستطاعة العرفية و العادية لا العقلية و على هذا ففي استثناء كتب العلم مطلقا إشكال و لو زادت أعيان المستثنيات عن قدر الحاجة وجب صرف الزائد في الحج و لو أمكنه بيعها و شراء ما يليق بحاله بأقل من ثمنها فالأقرب وجوب البيع و شراء الأدون لعموم النصوص السالم عن المعارض و ذكر الشهيد الثاني أن من لم يكن له هذه المستثنيات يستثني بها أثمانها و هو جيّد إذا دعت الضرورة العادية إليها أما مع الاستغناء عنها به بالتمكن من تحصيل ما يحصل الكفاية به بإجازة و نحوه فلا
و لو وجد
الزاد و الراحلة
بالثمن وجب شراؤه
أي كل واحد منهما
و إن كان بأكثر من ثمن المثل على رأي
اختاره الأكثر و في التذكرة و إن كانت يجحف بحاله لم يلزمه شراؤه و إن تمكن على إشكال و ذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه لا يجب شراء الزاد و الراحلة إذا زاد ثمن شيء منهما عن ثمن المثل و الأول أقرب نظرا إلى عموم أدلة وجوب الحج عند الاستطاعة و قد حصلت فيجب الحج فيجب ما يتوقف عليه من المقدمات احتج الشيخ بأن من خاف على ماله التلف لم يجب عليه الحج حفظا للمال فكذا هنا و هو ضعيف
و المديون لا يجب
الحج
عليه إلا أن يفضل عن دينه قدر الاستطاعة
و لا فرق بين أن يكون الدين حالا أو مؤجلا على ما صرح به المصنف في المنتهى و هذا الحكم مقطوع به في كلامهم و استدل عليه المصنف في المنتهى بعدم تحقق الاستطاعة مع الحلول و توجه الضرر مع التأجيل و هو ممنوع في بعض الصّور كما إذا كان الدين مؤجّلا أو حالا و لم يكن المديون مطالبا به و يكون له وجه للوفاء بعد المراجعة فعدم الوجوب في الصورة المذكورة محل إشكال و قد روى الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل عليه دين أ عليه أن يحج قال نعم إن حجة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه قال قال أبو عبد اللّٰه ع الحج واجب على الرجل و إن كان عليه دين و أما ما رواه الصّدوق عن أبي همام في الصحيح قال قلت للرضا ع الرجل يكون عليه الدين و يحضره الشيء أ يقضي دينه أو يحج قال يقضي ببعض و يحج ببعض قلت لا يكون إلا نفقة الحج قال يقضي سنة و يحج سنة قلت أعطي المال من قبل السلطان قال نعم و روى الكليني عن أبي همام في الصحيح نحوا منه فالمراد بها حج النافلة و روى الشيخ عن موسى بن بكر الواسطي قال سألت أبا الحسن ع عن الرّجل يستقرض و يحج قال إن كان له وجه في مال فلا بأس به و رواه الكليني و الصدوق أيضا و كيف ما كان فالدين لا يمنع الحج المندوب يدل عليه مضافا إلى ما مرّ ما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح عن غير واحد قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع إني رجل ذو دين أ فأدين و أحج فقال نعم هو أقضى للدين و عن محمد بن أبي عمير في الصحيح عن عقبة فقال جاءني سدير الصيرفي فقال إن أبا عبد اللّٰه ع يقرأ عليك السلام و يقول لك ما لك لا تحج استقرض و حج و ما رواه الكليني عن معاوية بن وهب في الحسن بإبراهيم عن غير واحد قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يبق شيء أ فأحج بها أو أوزعها بين الغرام فقال حج بها و ادع اللّٰه أن يقضي عنك دينك و عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل يحجّ بدين و قد حج حجة الإسلام قال نعم إن اللّٰه سيقضي عنه إن شاء اللّٰه و رواه الصّدوق عن يعقوب بن شعيب في الحسن و روى الصّدوق عن الحسن بن زياد العطار في الصحيح على الظاهر قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يبق شيء أ فأحج به أو أوزعها بين الغرماء فقال حج بها و ادع اللّٰه عز و جل أن يقضي عنك دينك و روي مرسلا أنه سأل رجل أبا عبد اللّٰه ع فقال إني رجل ذو دين فأتدين و أحج قال نعم هو أقضى للدين
و لا يجوز صرف المال في النكاح و إن شق تركه
بعد تعلق الخطاب بالحج و توقف الحج على المال فلو صرفه قبل زمان خروج الوفد الذي يجب الخروج معهم أو أمكنه الحج من غير مال جاز صرفه في النكاح و علة التحريم في الفرض الذي ذكرنا أن الحج مع الاستطاعة واجب فلا يعارضه النكاح المندوب و لو حصل له من ترك النكاح ضرر شديد لا يتحمل عادة أو خشي حدوث مرض بتركه قدم النكاح و نقل عن المصنف في المنتهى تقديم النكاح لو خشي الوقوع في الزنا بتركه
و لو بذل له زاد و راحلة و مئونة عياله
ذاهبا و عائدا
وجب
الحج و المراد بالبذل الإباحة التي يحصل بأيّ صيغة اتفقت من غير حاجة إلى صيغة معينة من هبة و نحوها و المستند في هذا الحكم أخبار كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم و صحيحة معاوية بن عمار و حسنة الحلبي السابقات عند شرح قول المصنف و الاستطاعة و هي الزاد و الراحلة و ما رواه الصّدوق عن أبي بصير في الصحيح عندي قال سمعت أبا عبد اللّٰه ع يقول من عرض عليه الحج و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب فأبى فهو مستطيع للحج و إطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق بين أن يكون البذل على وجه التمليك أم لا و لا بين أن يكون واجبا بنذر و شبهه أم لا و لا بين أن يكون الباذل موثوقا به أم لا و اعتبر ابن إدريس التمليك و اشترط في الدروس التمليك أو الوثوق به و عن جماعة من الأصحاب اشتراط التمليك أو الوجوب بنذر أو شبهه و في التذكرة و هل يجب على الباذل بالبذل الشيء المبذول أم لا فإن قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له لكن في إيجاب المبذول بالبذل إشكال أقربه عدم الوجوب و إن قلنا بعدم وجوبه ففي إيجابه الحج إشكال أقربه عدم الوجوب انتهى و الأقرب عدم اعتبار التمليك و لا الوجوب لإطلاق النص و تخيل بطلان تعليق الواجب بغير الواجب ضعيف نعم لا يبعد اعتبار الوثوق بالباذل لما في التكليف بالحج مع عدم الوثوق تعزير بالنفس و تعريض لها للخطر و المشقة و ينبغي التنبيه على أمور الأول إذا بذل له المال مطلقا من غير تقييد بكونه للحج فعموم الأدلة المقتضية لوجوب الحج عند التمكن يقتضي الوجوب و بعض عباراتهم يقتضي عدم الوجوب هاهنا فيكون الحكم بالوجوب مقصورا على البذل المقيد الثاني هل يعتبر في الوجوب كون المبذول عن الزاد و الراحلة فلا ينسحب الحكم في أثمانهما إطلاق النصوص و كلام أكثر الأصحاب يقتضي التعميم و به صرح المصنف في التذكرة و اعتبر الشهيد الثاني بذل عين الزاد و الراحلة قال فلو بذل له أثمانهما لم يجب القبول و كذا لو نذر لمن يحج و أطلق ثم بذل المعين أو أوصى بمال لمن يحج ثم بذله كذلك معلّلا بأن ذلك موقوف على القبول و هو شرط للواجب المشروط فلا يجب تحصيله و فيه أن مقتضى النصوص وجوب الحج عند التمكن و الاستطاعة المتحققين في محل البحث و ما دل على وجوب الحج عند البذل يعم بذل الأثمان فالتقييد خروج عن ظاهر النص و من غير دليل الثالث لو وهبه الزاد و الراحلة فالظاهر أنه يجب عليه القبول و في الدروس لا يجب عليه القبول ثم تنظر في الفرق و كذا الكلام لو وهبه للحج أما لو وهبه مالا مطلقا فسيجيء حكمه الرابع لا يمنع الدين من وجوب الحج على تقدير البذل و كذا لو وهبه للحج أما لو وهبه مالا مطلقا فيشترط في وجوب الحج عليه توفية الدين و ما يستثنى من الاستطاعة بالشرع الذي سبق ذكره الخامس لو عجز عن بعض ما به يحصل الاستطاعة و قدر على البعض فبذل له ما يتم به الاستطاعة