561وجب الحج عليه السادس المشهور بين الأصحاب أنه لا يجب على المبذول له إعادة الحج بعد اليسار و قال الشيخ في الإستبصار يجب عليه الإعادة و الأول أقرب لصدق الامتثال المقتضي للإجزاء و عدم دليل دال على وجوب الإعادة مضافا إلى ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه هل يجزي ذلك عنه من حجة الإسلام أو هي ناقصة قال بلى هي حجة تامّة احتج الشيخ بما رواه الكليني عن الفضل بن عبد الملك بإسناد لا يبعد أن يعد موثقا قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أ قضى حجة الإسلام قال نعم فإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت هل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم قضى عنه حجة الإسلام و تكون تامة و ليست بناقصة و إن أيسر فليحج و دلالة الخبر على الوجوب غير واضحة فليحمل على الاستحباب و كذا الكلام في رواية أبي بصير الآتية عند شرح قول المصنف و لو كان النائب موسرا
و لو وهب مالا يستطيع به لم يجب القبول
و علل بأن الهبة نوع اكتساب فلا يجب للحج لكون وجوبه مشروطا و ربما يعلل باشتماله على المنة و في التعليلين تأمّل سيما الثاني لانتقاضه بالبذل
و لو استوجر لعمل في السّفر بقدر الكفاية وجب
الحج
و لا يجب القبول
أما الأول فلحصول الاستطاعة المقتضية لوجوب الحج و أما الثاني فلأن تحصيل مقدمة الواجب المشروط غير واجب و على تقدير القبول كان الواجب عليه بسبب الإجارة الوصول إلى تلك الأماكن لإيقاع أفعال الحج فلا يجتمع الوجوب في شيء واحد و مقدمة الحج لا يجب وقوعها على وجه كونه للحج بل لو وقع على وجه آخر و إن كان حراما لم يقدح في صحة الجمع فاندفع الإشكال الذي يورد في هذا المقام و هو أن الوصول إلى تلك الأماكن قد وجب بسبب الاستيجار فكيف يكون مجزيا عن حجة الإسلام و ما الفرق بينه و بين ناذر الحج في سنة معينة إذا استطاع للحج في تلك السنة حيث حكموا بعدم تداخل الحجتين و ما ذكر من الجواب يقتضي عدم كون الحركة من الميقات إلى مكّة من أجزاء الحج و على تقدير كون ذلك من أجزاء الحج يمكن أن يقال لا دليل على عدم التداخل فيجوز اجتماع جهات الوجوب في شيء واحد و سيجيء الكلام في حكمهم بعدم التداخل في مسألة المندوب
و لو حج الفقير
الذي لا يستطيع
متسكعا لم يجزئ عن حجة الإسلام
لعدم الخطاب إليه فيكون بمنزلة من أوقع الصلاة قبل دخول وقته
إلا مع إهمال المستقرة
إذ على هذا التقدير يحصل الامتثال المقتضي للإجزاء
و لو تسكع الغني أجزأه
لحصول الامتثال بإيقاع المناسك المخصوصة و صرف المال غير واجب لذاته بل من باب المقدمة إذا توقف الواجب عليه
و لو كان النائب معسرا أجزأت عن المنوب لا عنه لو استطاع
و هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب لا أعرف فيه خلافا بينهم و استدل عليه المصنف في المنتهى بأن هذا يصدق عليه بعد اليسار أنه مستطيع و لم يحج عن نفسه فيجب عليه الحج عملا بالأصل السالم عن المعارض و بما رواه الشيخ عن آدم بن علي و هو مجهول عن أبي الحسن ع قال من حج عن إنسان و لم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه اللّٰه ما يحج و يجب عليه الحج و ما رواه الكليني و الشيخ عنه و الصدوق عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّٰه ع قال لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحج و كذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج و في الكافي و إن كان قد حج و هذه الرواية غير منطبقة على المقصود و كذا ما رواه الكليني عن الفضل بن عبد الملك بإسناد لا يقصر عن الموثقات عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته ع عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أ قضى حجة الإسلام قال نعم فإذا أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت فهل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم يقضي عنه حجة الإسلام و يكون تامة و ليست بناقصة و إن أيسر فليحج قال و سئل عن الرجل يكون له الإبل فيكون بها فيصيب عليها فيحج و هو كري يغني عنه حجته أو يكون يحمل التجارة إلى مكة فيحج فيصيب المال في تجارته أو يصنع أ يكون حجته تامة أو ناقصة أو لا يكون حتى يذهب به إلى الحجّ و لا ينوي عن غيره أو يكون ينويهما جميعا أ يقضي ذلك حجته قال نعم حجته تامة و يدل على خلاف هذا الحكم روايات منها ما رواه الصّدوق عن معاوية بن عمار في الصّحيح أنه سأل أبا عبد اللّٰه ع عن رجل حج عن غيره أ يجزيه ذلك من حجة الإسلام قال نعم و رواه الشيخ في الصحيح و الكليني و الشيخ عنه في الحسن بإبراهيم عن معاوية بن عمار عنه ع و زاد قلت حجة الجمال تامة أو ناقصة قال تامة قلت حجة الأجير تامة أو ناقصة قال تامة و الظاهر أن المراد بالأجير من يستأجر للخدمة في الطريق و منها ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال حج الصرورة يجزي عنه و عمن حج عنه و يمكن تأويل هذين الخبرين بأن المراد الإجزاء و الحكم بالإعادة فيعلم منه وقوع إطلاق الإجزاء على المعنى الذي ذكرناه فلا يبعد إرادته هاهنا و أول الشيخ الخبر الأول بالحمل على أن المراد بحجة الإسلام الحجة المندوب إليها في حال الإعسار دون التي يجب في حال اليسار و منها ما رواه الصّدوق عن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحج قال يجزي عنهما و لا يجزي في هذا الحديث التأويل الذي ذكرنا قال في المنتقى و ربما تطرق إليه الشك بقصور متنه حيث تضمن السؤال أمرين و الجواب إنما ينتظم مع أحدهما فإن قوله يجزي عنهما يناسب مسألة الحج عن الغير و أما حكم من أحجه غيره فيبقى مسكوتا عنه مع أن إصابة المال إنما ذكرت معه و ذلك مظنة للريب أو عدم الضبط في حكاية الجواب فيشكل الالتفات إليه في حكم مخالف لما عليه الأصحاب و المسألة عندي محل إشكال
و لو حج عن المستطيع الحي غيره لم يجزئ
لا أعلم في هذا الحكم خلافا و الوجه فيه أن الواجب على المستطيع إيقاع الحج مباشرة فلا يجزي الاستنابة فيه
و لا يجب الاقتراض للحج
إلا إذا كان ماله مما لم يمكن تحصيل الزاد و الراحلة به و كان عنده ما يفي بإزائه فإنه يجب الاقتراض على هذا التقدير لصدق التمكن المقتضي لوجوب الحج و توقف الحج الواجب عليه و هذا هو المصرّح به في بعض عبارات الأصحاب و مقتضى ذلك وجوب الاقتراض إذا كان له دين مؤجل كاف للحج و أمكنه اقتراض ما يحج به و به حكم بعض المتأخرين و قال المصنف في المنتهى من كان له مال فباعه قبل وقت الحج مؤجلا إلى بعد فواته سقط عنه الحج لأنه غير مستطيع قال و هذه حيلة يتصور ثبوتها في إسقاط فرض الحج عن الموسر و فيه تأمّل قال و كذا لو كان له مال فوهبه قبل الوقت أو أنفقه فلما جاء وقت الحج كان فقيرا لم يجب عليه و جرى مجرى من أتلف ماله قبل حلول الأجل
و لا
يجب
بذل الولد ماله لوالده فيه
أي في الحج عند المصنف و سائر المتأخرين و قال الشيخ في النهاية و من لم يملك الاستطاعة و كان له ولد له مال قدر ما يحج به على الاقتصار و يحج و به قال ابن البراج و قال في المبسوط و الخلاف روى أصحابنا أنه إذا كان له ولد له مال وجب أن يأخذ من ماله ما يحج به و يجب عليه إعطاؤه ثم قال في الخلاف و لم يرو الأصحاب خلاف هذه الرواية فدل على إجماعهم عليها و قال المفيد في المقنعة و إن كان الرجل لا مال له و لولده مال فإنه يأخذ من مال ولده ما يحج به من غير إسراف و تقتير حجة القول الأول أن مال الولد ليس للوالد فلا يجوز له التصرف فيه و حجة القول الثاني ما رواه الشيخ عن سعيد بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع الرجل يحج من مال ابنه و هو صغير قال نعم يحج منه حجة الإسلام قال قلت و ينفق منه قال نعم ثم قال إن مال الولد لوالده إن رجلا اختصم هو و ولده إلى النبي ص فقضى أن المال و الولد للوالد و روى الشيخ عن سعيد بن يسار بإسناد فيه جهالة مثله و أجاب المصنف عن الرواية بالحمل على الاستدانة بعد تحقق الاستطاعة أو على من يجب عليه الحج و استقر في ذمته و فرط فيه ثم تمكن من الاقتراض من مال الولد فإنه يلزمه ذلك و في هذا الجواب بعد و العدول عن ظاهر الرواية الصحيحة لا يخلو عن إشكال
و المريض إن قدر على الركوب وجب عليه و إلا
أي و إن لم يقدر على الركوب
فلا
يجب الحج عليه و المراد بالقدرة على الركوب عدم حصول الحاجة الشديدة و الحكمان لا أعرف خلافا فيهما و يدل على الأول صدق التمكن المقتضي للوجوب و على الثاني حصول المشقة المقتضية للحرج فينتفي الوجوب
و لو افتقر إلى الرفيق مع عدمه أو إلى الأوعية و الآلات مع العدم أو إلى الحركة القوية مع ضعفه أو إلى مال للعدو في الطريق مع تمكنه على رأي سقط
وجوب الحج لا أعرف خلافا بين الأصحاب في سقوط الحج فيما عدا الصورة الأخيرة و أما الصورة الأخيرة فقد اختلف فيها الأصحاب فقيل يسقط الوجوب ذهب إليه الشيخ و جماعة من الأصحاب و استحسن المحقق القول بالوجوب و إليه ذهب بعض الأصحاب و الأقرب عدم السقوط لحصول الاستطاعة و القدرة فيتناول الخطاب المفهوم من الآية و الأخبار حجة القول الأول وجوه منها أن شرط الوجوب و هو تخلية السرب منتف فينتفي المشروط و منها أن المأخوذ على هذا الوجه مأخوذ على سبيل الظلم و الذهاب إلى الحج يستلزم الإعانة عليه فيكون محرما