383أموال الخمس.
و لو سلمنا جدلاً بحصول ذلك من بعضهم فالسيّد لا يحاسَب على ما لم يطَّلع عليه،و نحن لا ننزّه كل الناس عن الخيانة،فإن التاريخ حدّثنا بأن بعض وكلاء الأئمة عليهم السلام قد خانوا أماناتهم،فأخذوا ما بحوزتهم من الأموال،كما حصل لبعض وكلاء الإمام الكاظم عليه السلام الذين جحدوا إمامة الرضا عليه السلام لئلا يدفعوا إليه ما بحوزتهم من الأموال.
و لهذا لزم التأكيد على العوام بألا يدفعوا حقوقهم إلا لمن يعرفونه بالصلاح و الأمانة و التقوى و الورع،دون غير المعروف بذلك.
قال الكاتب:قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:(طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة،أولئك اتخذوا الأرض بساطاً،و ترابها فراشاً،و ماءَها طيباً،و القرآن شعاراً،و الدعاء دِثاراً،ثمّ قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح..إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال:إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا أن يكون عَشَّاراً أو عريفاً أو شرطياً)نهج البلاغة 24/4.
قارن بين كلام الأمير رضي الله عنه و بين أحوال السادة و احكم بنفسك،إن هذا النص و غيره من النصوص العظيمة ليس لها أي صدى عند السادة و الفقهاء،و حياة الترف و النعيم و البذخ التي يعيشونها أَنْسَتْهُم زهد أمير المؤمنين،و أعمت أبصارهم عن تدبر كلامه،و الالتزام بمضمونه.
و أقول:لقد اطّلعتُ على أحوال من وسعني معرفتهم من علماء النجف و مراجعها فرأيتهم يعيشون حياة الزهد في الدنيا،و الانصراف عن ملذاتها مع ما بأيديهم من الأموال التي لم يستغلوها لمآربهم الشخصية و مصالحهم الذاتية.