384فما ورد في حديث أمير المؤمنين عليه السلام منطبق عليهم أتمَّ الانطباق،مع شدّة هذا الزمان المملوء بالمغريات و الملذات،فإنهم لو أرادوا أن يستمتعوا بالدنيا لوسعهم ذلك من غير أن يتكلفوا أية مئونة،و لكنهم ضربوا بكل ذلك عرض الجدار،مؤثرين دار البقاء،و زاهدين في دار الفناء.
و من أراد أن يطلع على زهد العلماء و انصرافهم عن الدنيا و ملذاتها فليطالع الكتب المتكفلة بذلك،ففيها الكثير من قضاياهم و أحوالهم،و ليس هذا موضع بيانها.
و نحن بهذه المناسبة ندعو كل منصف لزيارة مراجع النجف الأشرف و قم المقدسة ليطَّلع بنفسه على أحوالهم و زهدهم و انصرافهم عن الدنيا،و ليعلم أن كل ما قاله الكاتب ما هو إلا افتراءات مفضوحة و أكاذيب مكشوفة.
قال الكاتب:إن العَشّار هو الذي يأخذ ضريبة العُشر،فلا يستجاب دُعاؤه كما قال رضي الله عنه،فكيف بالخماس؟الذي يأخذ الخمس من الناس؟إن الخَمَّاس لا يستجاب له من باب أولى لأن ما يأخذه من الخمس ضعف ما يأخذه العَشَّار،نسأل الله العافية.
و أقول:إنما لا يستجاب دعاء العشَّار لأنه من أعوان الظالمين الذين يجمعون لهم الأموال من الناس بالقهر و بغير حق.
و أما من يقبض الخمس فإنه يقبضه من أهله بحق،و يصرفه في محلّه بحق،فكيف يكون ملعوناً أو مذموماً؟!
و لهذا لا يقال لجابي الزكاة للإمام العادل(إنه عشَّار)مع أنه قد يأخذ العشر و قد يأخذ نصف العشر،و ذلك لأنه يأخذها بحق،و يدفعها للإمام العادل الذي يصرفها على مستحقيها.
فبين الأمرين فرق واضح،و ليس كل من يتسلّم مالاً فهو عشّار أو ملعون أو