37فرقتين، وكان لكلّ منهما أتباع وأعلام.
وبعد أن كان هذا النزاع علميّاً محضاً ، امتزج في بعض الأحيان بالسياسة أو التعصّب، وتعدّدت فيه عوامل التفرقة لتستند السلطة إلى أقوى الفريقين.
ولمّا بويع أبو جعفر المنصور العباسي سنة ( 136) للهجرة، كان أبوحنيفة في الكوفة، فأكرمه المنصور غاية الإكرام بعد أن جلبه إلى بغداد، وخصّه ببعض العطايا، لكن الأمر لم يدم على ذلك طويلاً، فتركه المنصور مدة، ثمّ سجنه حتى مات سنة (150) للهجرة 1.
وقال ابن قتيبة : ( وذكروا أنّ مالكاً حجّ سنة ثلاث وستين ومائة 2، ثمّ وافى أبا جعفر بمنى أيام منى - إلى أن قال : - قال مالك : ثمّ فاتحني فيمن مضى من السلف والعلماء، فوجدته أعلم الناس بالناس ، ثمّ فاتحني في العلم والفقه ، فوجدته أعلم الناس بما اجتمعوا عليه ، وأعرفهم بما اختلفوا فيه ، حافظاً لما روي، واعياً لما سمع ، ثم قال لي : يا أبا عبد الله ضع هذا العلم ودوّنه ، ودوّن منه كُتباً، وتجنّب شدائد عبد الله بن عمر، ورُخص عبد الله بن عباس ، وشواذ ابن مسعود، واقصد إلى أواسط الأمور ، وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة رضي الله عنهم ، لنحمل الناس إن شاء الله على علمك وكُتبك ، ونبثّها في الأمصار ، ونعهد إليهم أن لا يخالفوها ، ولا يقضوا بسواها.
فقلت له : أصلح الله الأمير، إنّ أهل العراق لا يرضون عِلمنا ، ولا يرون في عملهم رأينا. فقال أبو جعفر: يُحملون عليه ، ونضرب عليه هاماتهم بالسيف، ونقطع طي ظهورهم بالسياط ، فتعجّل بذلك وضعها، فسيأتيك محمد المهدي ابني العام القابل إن شاء الله إلى المدينة ليسمعها منك ، فيجدك وقد فرغت من ذلك إن شاء الله ... ثم