29إلى العيش في مفارقات متناقضة وأجواء وهميّة كاذبة، فكان لباعة الضمير والوجدان، الدور الهام في تشويه الحقائق، فلأجل اكتساب بعض الدراهم والدنانير، أو لأسباب أخرى، نراهم يختلقون أحاديث ينسبونها تارة للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأُخرى لأحد الصحابة، وثالثة لأنفسهم، فشاع الكذب، وادّعى كلٌّ لنفسه، أو لقبيلته، أو لبلده، أو لزعماء الأمر وأصحاب السلطة والقدرة أشياء تجلب لهم المدح والثناء 1.
وقد أعلم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك امّته، وحذّرهم بأحاديث كثيرة تواترت عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم منها : « ستكثر عليّ القالة (الكذّابة) من بعدي، فمن كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار» 2.
قال ابن تيميّة: ( وطائفة من أهل السنّة وضعوا لمعاوية فضائل، ورووا أحاديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك كلّها كذب) 3.
وقد جمع ابن الجوزي النزر اليسير من الأحاديث الموضوعة والواهية في كتابيه الموسومين ب- (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية)، وكتاب (الموضوعات)، واقتدى به السيوطي في كتابه (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة).
الحركة العلميّة في المدينة
كان فقهاء المدينة المنوّرة مصدراً للفتيا بعد النبي الاكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ترجع إليهم الاُمّة في مهمّات التشريع الإسلامي، لأنّ المدينة كانت مركزاً للعلم، وفيها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته، والتابعون لهم بإحسان.
وبدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة، فأصبحت آراء بعضهم مذاهب ، فكان