28ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تُخلفوني فيهما» 1.
فجعل الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم العترة عِدلاً للكتاب العزيز في وجوب التمسك بهم، والانصياع لأوامرهم، والتأسي بأقوالهم وأفعالهم، وإنّهما متلازمان في الحجيّة والاعتبار إلى يوم القيامة، لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «حتى يردا عليّ الحوض» كما تقدّم.
أمّا أتباع المذاهب الإسلامية الاُخرى فإنّهم يسيرون على نهج أئمتهم، ويهتدون بهديهم، ويقتفون آثارهم، ويعتمدون على أحاديث الصحابة والتابعين، لكن هناك عوامل جانبية أُخرى أدّت إلى توسيع رقعة الخلاف بين الطائفتين أكثر فأكثر لأسباب منها:
أولاً : منع تدوين حديث الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أو تأخر تدوينه، كان له أثر في توسيع رقعة الخلاف بين الطائفتين 2.
حيث وقف أمام هذا الاتجاه جمعٌ من الصحابة، وعارضوا الفكرة معارضة شديدة، وأكّدوا بأن العترة الطاهرة عِدل للكتاب العزيز، لما تَقدّم من الأحاديث النبوية الشريفة وغيرها.
واستمر الحال حتى رأس المائة الهجرية الأولى، حيث أنّ عمر بن عبد العزيز أمر بتدوين الحديث، فكان ابن شهاب الزهري أول من دوّن الحديث، ثم كثر التدوين والتصنيف من بعده. فذكر أبو نعيم الاصبهاني وابن عبد البرّ بسندهما عن مالك بن أنس قال : أول من دون العلم ابن شهاب 3.
ثانياً : ابتعاد الناس عن القيم الرفيعة والمُثل العليا، وانخراطهم في الجو المادي، أدّى